جددت الأسر السعودية علاقتها بأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية وأنواعها وأشكالها كافة، وبكل ما له علاقة بالموائد والأطباق الرمضانية، وذلك بدءاً من يوم الإثنين الماضي، الذي وافق موعد تسلم مرتبات الموظفين الحكوميين، سابقاً بأيام معدودة دخول شهر رمضان. وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن هذا الاستنفار مرفوض اجتماعياً واقتصادياً، وحتى على المستوى التشريعي الذي يحث على الزهد والتقشف في شهر رمضان تحديداً، تماشياً مع الحكمة من فرض الصيام، يرى آخرون أن رمضان شهر مختلف، يأتي بخيراته وطقوسه الخاصة، التي يدخل من ضمنها الاستمتاع بالشراء. في هذا الوقت من السنة، تتسارع وتيرة العملية الاقتصادية بيعاً وشراءً، وفيما يتقاطر الأفراد على المراكز التجارية زرافات ووحداناً، للتبضع، وملء مخازن البيوت بحاجات الشهر، من طعام، وشراب، وأدوات منزلية لا تخرج عن هذا الإطار، يدخل التجار وموزعو هذه النوعية من المواد الاستهلاكية في تنافس محموم، ظاهره أسعار مخفضة، وبضائع مميزة، وباطنه حاجة ملحة للمشاركة في اقتطاع حصتهم من كعكة الموسم، حتى لو جاء ذلك على حساب جيب المستهلك. ويتفق المراقبون لهذه التظاهرة التجارية أن ثقافة الاستهلاك المتغلغلة في المجتمع السعودي تكرست كثيراً من خلال الجانب الدعائي والإعلاني الذي تضج به وسائل الإعلام وشوارع المدن. وتؤكد الاختصاصية الاجتماعية في مستشفى الملك فهد في جدة منال الصومالي أن الإعلانات التجارية تلعب دوراً مهماً في توجيه سلوكيات المستهلك، من خلال نشر العروض الرمضانية بأساليب حديثة وجاذبة تهدف إلى الربحية المحضة، فأصبح المستهلك يشتري ما يحتاجه وما لا يحتاجه من دون وعي. من جهتها، تشير الاختصاصية النفسية في مركز الإرشاد الأسري والاجتماعي في جدة غادة المسعود إلى وجود ارتباط ذهني سائد بين الأكل وشهر رمضان يرفع من القوة الشرائية، إلى جانب أن بعض العادات والتقاليد القائمة على البذخ جعلت من الشهر الكريم موسماً للمآدب والأطباق اليومية، لافتة إلى أن الجانب الدعائي أوجد ما يشبه"التنويم المغناطيسي"للمستهلكين، فأصبحوا لا يفرقون ما بين الحاجة والترف. وفي ذات الشأن، دعا مراقبون للشأن المحلي إلى ضرورة البدء بتنفيذ حملات توعوية، تستهدف الفرد والأسرة خلال شهر رمضان. وتهدف هذه الحملات إلى توعية المواطنين بأهمية الالتزام بمبادئ اقتصادية، من شأنها القضاء على ظاهرة الإسراف في الشراء, وأخرى صحية، يتعرف من خلالها أفراد الأسرة على كيفية التعامل مع أنواع الطعام بعد صيام ساعات طويلة، من دون أن يتسبب ذلك بأي مضاعفات صحية. ويمكن تنفيذ هذه الحملات"بحسب رأي المراقبين"عبر وسائل الإعلام المختلفة، أو حتى في الشوارع والميادين أسوة بالإعلانات الترويجية، ليتسنى للجميع الاطلاع على بعض التفاصيل التي من شأنها دفع الأضرار الصحية والاقتصادية عنهم، وضبط سلوكياتهم خلال الشهر الكريم.