- الرأي - خلود النبهان - جازان : تعدُ الجنبية إحدى أبرز رموز التراث الجازاني العريق، حيث ارتبطت بالرجولة والشموخ، وأصبحت زينة يفخر بها الرجال في المناسبات الاجتماعية والأعياد. وقد سُميت بهذا الاسم لأنها تُثبت على جنب الرجل، سواء الأيمن أو الأيسر، بواسطة حزام من الجلد أو القماش يُربط بإحكام حول الخصر، مما جعلها جزءًا لا يتجزأ من المظهر التقليدي في المنطقة. وتعد الجنبية جزءًا من الزي التقليدي في جازان، يرتديها أهل تهامة في مناسباتهم الاجتماعية والاحتفالات، لتعكس أصالة هويتهم وتراثهم. تاريخ الجنبية: إرث حضاري ضارب في القدم يعود تاريخ الجنبية إلى القرن الثامن قبل الميلاد، مما يجعلها إرثًا حضاريًا يُجسد ملامح حضارة جنوب المملكة العربية السعودية. رغم التطورات التي طرأت على صناعتها عبر العصور، إلا أنها ما زالت تحتفظ بمكانتها الأصيلة. يعتمد تصنيف الجنابي بشكل رئيس على المواد المستخدمة في تصنيع مقبضها ونصلها، وهما العنصران الأساسيان في تحديد قيمتها وتميزها. في الماضي، كانت الجنبية تُستخدم للحماية والدفاع عن النفس، كما أنها كانت تُعبر عن الشجاعة والفخر، حيث ارتبطت بالرجولة والهيبة. أشهر صناع الجنابي في جازان عرفت منطقة جازان مهارة فائقة في صناعة الجنابي، ومن أبرز الحرفيين الذين اشتهروا بهذه الحرفة عائلة الغماري في محافظة صبيا، والتي كانت تُعد مركزًا للحرف اليدوية قديمًا. أبدع الحرفيون في زخرفة الجنابي بزخارف هندسية ونباتية، كما قاموا بتطعيمها بالذهب والفضة، مما أضفى عليها قيمة فنية وجمالية متميزة. استخدامات الجنبية: من الحروب إلى الرقصات الأدائية لم تقتصر وظيفة الجنبية على الزينة، بل كانت تُستخدم في الحروب قديمًا كوسيلة للدفاع عن النفس. ومع مرور الزمن، أصبحت جزءًا من الرقصات الأدائية، حيث يتم الاستعراض بها أثناء الرقصات التقليدية، لتكون رمزًا للشجاعة والمهارة، إضافةً إلى كونها عنصرًا يعزز الفخر والهوية الثقافية في تلك الفنون. أنواع الجنابي: تنوع يعكس الأصالة تتعدد أنواع الجنابي وتختلف في تصميماتها وزخارفها، ومن أشهرها: – المعيرة: تُصنع من أجود أنواع الحديد، وتُعد رمزًا للفخامة والشجاعة. – القديمية: تتميز بتصميمها التقليدي البسيط الذي يعكس الأصالة. – اللغزة: تجمع بين البساطة والفخامة، وتشتهر بمقبضها الفريد ونصلها القوي. – أم تسعة وأم فصوص: تتميزان بأناقتهما والزخارف الفريدة التي تعزز جمالهما، خاصة مع وجود الأحجار الكريمة. – المشطف والدرما والمكعب: تمتاز بأشكالها الانسيابية وزخارفها الهندسية والنباتية، والتي تُطعَّم أحيانًا بالذهب أو الفضة. الجنبية والريال العربي: لمسة وطنية مع إصدار الملك عبدالعزيز للريال العربي الفضي، أبدع الحرفيون في تطعيم الجنابي بهذه العملة، مما أضاف لها قيمة وطنية وفنية. يُعد ذلك توثيقًا لتاريخ الجنبية، حيث أصبح الريال الفضي رمزًا للتاريخ والهوية. ومن الأمثلة البارزة، خنجر يعود تاريخه إلى أكثر من 80 عامًا (عام 1354ه / 1936م)، مرصع بالذهب ومطعّم بالريال العربي الفضي. يُعرض هذا الخنجر الفريد ضمن مقتنيات (متحف محمد الجديبا) ، حيث يُعد شاهدًا على مهارة الحرفيين ودقة التصنيع التي صمدت أمام تقلبات الزمن. ملامح تصميم الجنبية: فنٌ يتحدى الزمن تتميز الجنبية بتصميمها المتقن والعناية الفائقة في تفاصيلها، ومن أبرز عناصرها: 1. المقبض (القَرْن): يُصنع من مواد ثمينة، مثل قرون وحيد القرن التي تُعد الأغلى والأندر، بالإضافة إلى قرون الوعول والغزلان. 2. الحزام: يُصنع من الجلد أو القماش، ويُزين بزخارف فنية، وبعضها يُطعّم بالذهب أو الفضة، مما يمنحها مظهرًا فخمًا. الجنبية بين الماضي والحاضر رغم ارتباط الجنبية بالماضي كجزء من الهوية التقليدية، إلا أنها باتت اليوم رمزًا تراثيًا يُقتنى كهدايا تذكارية أو تُعرض في المتاحف والمعارض الثقافية. وبذلك، تظل شاهدة على غنى التراث الجازاني، معبرة عن أصالة أهله وفخرهم به. الجنبية: إرث الأجداد للأجيال الجنبية ليست مجرد قطعة تقليدية تُرتدى، بل هي رمز يحمل أصالة التاريخ وروح الهوية الجازانية. وبينما يمضي الزمن، تظل الجنبية حاضرة كإرث خالد للأجيال القادمة، تحكي قصص الشجاعة والفخر، وتُجسد تاريخًا يستحق الحفظ والاحتفاء. ‹ › ×