منذ الأزل والطائف بستان وارف الظلال، يعشقه الفلاح، ويعتمل في أرضه فأس المزارع, حتى إن مدينة الطائف كانت تسمى في العصرين الجاهلي وصدر الإسلام ببستان مكةالمكرمة، لخصوبة أرضها، واعتدال طقسها، ووفرة نتاجها من الفاكهة والخضراوات على اختلاف ألوانها وتعدد أنواعها. ولم يختلف الوضع كثيراً عن سالف العصور, فالطائف لا تزال تزخر بالمئات من المزارع والحقول الخضراء التي تنتج سنوياً أطيب الثمار التي تجد طريقها إلى الأسواق المحلية, غير أن نضوب مصادر السقيا الأساسية كالآبار والسدود الذي أعقب شح الأمطار، يهدد أكثر من 500 مزرعة تنتشر في قرى وهجر الطائف بتوقف النشاط الزراعي وإغلاقها إلى أجل غير مسمى. ولكن ذلك لم يمنع المزارعين من طرح نتاجهم من فاكهة الصيف اللذيذة إلى الأسواق, وتبدأ بوادر فاكهة الطائف الصيفية بطرح المشمش والخوخ والتفاح البلدي، يأتي بعدها بفترة وجيزة التين الشوكي، لينتهي موسم الإنتاج الزراعي لفاكهة الصيف بالعنب والرمان، وهما الفاكهتان اللتان ارتبطت شهرتهما بالطائف منذ قديم الأزل، وينتظر طرح هذين النوعين من الفاكهة خلال الأيام القليلة المقبلة. ومع إطلالة كل صيف تنتشر بسطات الفواكه على الأرصفة والطرقات ومخارج المدينة، لتكون جميع أنواع فاكهة الطائف في متناول يد السائح, خلافاً لما تحظى به أسواق الفاكهة الرئيسة من إقبال يعكس تماماً تميز فاكهة الطائف وخصوصيتها، إذ تصدر فاكهة الطائف وتسوق في مناطق السعودية ودول الخليج. ويعود ازدهار زراعة الفاكهة في الطائف إلى اعتدال الطقس صيفاً، لوقوعها وسط جبال السراة بارتفاع يصل إلى 1700 متر عن سطح البحر، وعدم تعرضها لموجات الحر الشديدة، واعتدال معدلات الرطوبة صيفاً لتصل إلى ما نسبته 20 في المئة فقط. وعلى رغم شح الأمطار الذي تعرضت له المناطق الزراعية في الطائف خلال الفترة الماضية, إلا أن محاصيل المزارع من الفاكهة لم تتأثر كثيراً بذلك، إذ يؤكد متعاملون في سوق الفاكهة في الطائف أن كميات العرض من الفواكه جيدة يواكبها ثبات في الأسعار. يذكر أن المساحة الزراعية في محافظة الطائف تبلغ أكثر من 600 ألف دونم، وعدد المزارع أكثر من 25.500 مزرعة، فيما يصل عدد البيوت المحمية لإنتاج الخضراوات إلى أكثر من 4.500 بيت محمي، وعدد أشجار النخيل المثمر إلى أكثر من 63 ألف نخلة، وعدد السدود إلى 20 سداً تنتشر في مواقع متفرقة، وأخيراً تضم الطائف 29 مشروعاً لسقيا المواطنين تخدم 80 قرية.