بين الفضائيات العربية، وبين أوراق الصحف اليومية ترصد عيناي الحدث بماهيته، بل تكاد تنفجر من هذه المذبحة، التي تنفذها آلة الحرب الإسرائيلية الغاشمة في لبنان الحب والمحبة والعشق والجمال، في ظل صمت عربي مقيت، وأدمغة مسحوقة، وأوردة متجمدة، حتى وصلت إلى شرايين الحياة، لتذكرني ببيت شعر لأحد الشعراء يقول: أمة إذا ضُرب النعال بصدغها صاح النعال بأي ذنب أضرب؟ أغرورقت عيناي بالدموع لما آل إليه حال هذه الأمة ومثقفوها، الذين تطالع عيناي كل يوم في الصحف كتاباتهم، التي تستحق ووصفها بعبارات... لا وقت لها الآن، إلا من رحم ربي، متناسين على ما يبدو، من قتل أنبياء الرحمن؟ زكريا ويحيى عليهما السلام؟ من مزق الشعوب واغتصب الولدان؟ من هدم المساجد والكنائس؟ من سرق الأوطان؟ من اغتال الكلمة والحرية وقمع الإنسان؟ من احتل القدس والأقصى والجنوب والعراق وتعاهد مع الشيطان؟ إنهم اليهود الإسرائيليون، الذين يرى العالم الغربي الظالم أنهم وحدهم الذين يحق لهم الدفاع عن النفس! ويحق لهم أن يغيروا وجه العالم! ويحق لهم الكر والفر من دون حساب! يا مثقفي الأمة... أقرأوا الساحة السياسية كما قرأها الأستاذ والصحافي المخضرم غسان شربل من رائحة لحم الأوطان، والكاتب العظيم نصري الصايغ من ذاكرة لبنان، والصحافي المقاوم شارل أيوب من العنفوان نفسه. لبنان أصبح مسرحاً لتخطيط أميركي صهيوني يفتت الأمة، تحت شعار مخاض شرق أوسط جديد، أعلنتها سالومي العصر، من وراء المحيطات غير آبهة ببراءة الأطفال، ضاربة بالدماغ العربي عرض الحائط، على أنقاض لبنان الجريح في الشروق والزوال. لا يهمها إلا إسرائيل، فهل تقبلون يا مثقفي هذه الأمة أن تسودكم إسرائيل فوق الرمال؟ بعدما أجاز حاخاماتها قتل الشيوخ والنساء والأطفال! فالتاريخ يعيد نفسه، ألم يقدموا رأس النبي يحيى عليه السلام قرباناً من أجل خطايا نسائهم والرجال؟ يا مثقفي الأمة أناشدكم، أشد على أياديكم أن تنهضوا من الشرق إلى الغرب ومن الجنوب إلى الشمال، في وجه الحرب، في وجه من شوه لبنان، واغتال البسمة والهلال، في وجه من استباح الجسد واغتصب الدبكة والموال، في وجه بني صهيون الأندال، انهضوا جميعاً يا رجالات الأمة، يا رجال بدر وحطين واليرموك وذي قار.. يا رجال الخندق... نهضة رجل واحد، لتضمدوا جراح بيروت. من رائحة الصنوبر، والزيتون، ومن طعم البرتقال والليمون، ومن تاريخها الجميل المعطر بالياسمين والأقحوان، والنصر المؤزر، انهضوا جميعاً للبنان الرز، لبنان الحب الشامخ في عيون البشر، انهضوا قبل أن يقول العالم انسحق الصدغ العربي، انهضوا جميعاً قبل أن يولد الجنين الصهيوني المسخ، انهضوا كي يموت الجنين الصهيوني في رحم القتلة، ليحيا لبنان الحر، لبنان العروبة والأمة برجالات الوطن. آمنة الحلبي - جدة