«يا شام عاد الصيف متئدا... وعاد بي الجناح».. هكذا تبدأ فيروز متئدة.. ثم تتهادى في اتئادها، حتى تقول: «وعليك عيني يا دمشق... فمنك ينهمر الصباح» ثم تمضي وتمضي في وجدها وبوحها لتقول: «يا حب تمنعني وتسألني... متى الزمن المباح وأنا إليك الدرب... والطير المشرد والأقاح..» **** هذا هو الزمن المباح يا سيدة الأسئلة العظيمة.. هذا هو الزمن المباح.. الذي استباح فيه القساة الغلاظ رائحة الياسمين وصوت النواعير.. هذا هو الزمن الذي سألوك عنه، وتعجبتِ من السؤال.. كل الدروب كانت تنتهي إلى الأقحوان.. وكل الطيور المشردة كانت تأوي إلى حدائق البيوت الرحبة الآمنة.. وكل الأقاح كان لا يفكر في مغادرة أرضه.. **** هذا هو الزمن المباح يا فيروز.. هذا هو الزمن المباح، ليس للعشق، وإنما للعبث بتاريخ العشق.. هذا هو الزمن المباح للشبيحة الذين لو سمعوك جيدا لحولوا فوهات بنادقهم إلى أصداغهم.. هذا هو الزمن المباح الذي «استأسد» فيه الغباء على الجمال وفتنة المكان وروعة الإنسان.. **** «وعليك عيني يا دمشق... فمنك ينهمر الصباح» عفوا يا سيدة الإحساس.. عفوا.. دمشق التي كان ينهمر منها الصباح ثملا ببقايا الليل الموشى بآهات العشق، صار صباحها ينهمر مغسولا بالدم والعار والخزي.. دم الأطفال الذي يلطخ أصابع الكائنات المتوحشة.. دم الصبايا المنحورات في حفلة الغاب.. دم العفيفات وهن يتنازعن الشرف بين أنياب الوجوه القذرة.. **** عفوا يا سيدة الإحساس النقي.. دمشقك التي كانت لم تعد دمشقنا التي صارت.. دمشقنا لم يعد يصدع أذانها في أرجائها لأن مآذنها دمرت.. دمشقنا لم تعد تعبق بالياسمين، وإنما برائحة الجثث المتعفنة.. دمشقنا ليست التي فجرت إحساس شاعرك الذي جعلك تتألقين في حبها.. دمشقنا أصبحت عارا علينا، وعلى كل البشر منذ أن خلق الله البشر.. دمشقنا محاصرة، لأن النواطير أغبياء.. الأسود التافهة، لا يجب أن تحرس حدائق الياسمين.. والشبيحة لا يجب أن يجوسوا في الليل الحميم.. و«المعلمين » في سوق الجزارة لا يجب أن يكونوا أمناء على: جنةٍ ينهمر منها الصباح.. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة