لا تستغرب أو تتعجب إذا رأيت رجلاً طاعناً في السن يضع على كتفيه شالاً موشحاً باللونين الأخضر والأبيض، أو شاباً يتجول في أحد المراكز التجارية مرتدياً قميصاً يحمل صفة الألوان نفسها، وآخر يقوم بزيارات رسمية وهو يرتدي بدلة وبنطالاً أخذ منهما اللونان الأخضر والأبيض مساحة واسعة، وثالثاً يرتدي الزي السعودي الرسمي، وفضل أن تكون أزرة الثوب"التركيبة"و"الكبكات"في أطراف الكم تحمل صبغة ألوان المنتخب، أو فتاة جعلت أطراف عباءتها وطرحتها"الشيلة"زخرفة أخذت الطابع المونديالي للمنتخب السعودي. ذلك حال جل السعوديين والسعوديات هذه الأيام، إذ يتسمرون مثل بقية أفراد المجتمع الدولي ساعات طويلة أمام شاشات التلفاز، لمتابعة الحدث الرياضي الأبرز عالمياً، فلا حديث يطغى في مجالسهم إلا هوس"المونديال"، ومشاركة منتخب بلادهم في هذا المحفل العالمي، إذ يعقدون آمالاً عريضة على اللاعبين لتحقيق نتائج مشرفة، وهو ما يأمله السعوديون كافة. وتنفس العاملون في الوظائف الحكومية والخاصة الصعداء، كون افتتاح أكبر الاستحقاقات العالمية وأهمها بل وأبرزها على حد سواء، جاء متوافقاً مع إجازتهم الأسبوعية، وابتداء من الساعة السابعة من مساء أول من أمس، بدت الطرق وسط المدينة أشبه بالخالية من ضوضاء السيارات، التي تعودنا عليها في الأيام والساعات الاعتيادية، بل حتى الزيارات العائلية ستتقلص كثيراً في أمسيات كأس العالم، إذ إن حمى"المونديال"انتشرت بين فئات المجتمع المتعددة. ووجد المتقاعدون عن العمل، سواء في القطاع الحكومي أم القطاع الخاص فرصة مناسبة لشغل أوقات فراغهم والتأهب لمتابعة مباريات كأس العالم، ودون عدد منهم أسماء البرامج الرياضية وأوقاتها التي ستعرضها الفضائيات بهذه المناسبة الرياضية العالمية. حتى من يقفون على رأس العمل، وجدوها فرصة سانحة للتمتع بإجازاتهم السنوية وتفرغهم لمتابعة الحدث الأبرز، ومنهم من نظم جدوله اليومي، وقلص مهامه وزياراته المسائية، إلا في أضيق الحدود. المتقاعد محمد غراب، عرف بحماسته الكروية وبتحديه لأصدقائه، في مناسبات رياضية كثيرة"منذ أيام تقاعدت من عملي في حقل التدريس، بعد أن أمضيت قرابة ال25 سنة بين التدريس ووكالة المدرسة، والآن تفرغت لبعض أعمالي الخاصة، وفي هذه الأيام تحديداً عزمت على أن آخذ أكبر قدر من الراحة والاستجمام، في سبيل متابعة"المونديال"، خصوصاً في ما يتعلق بالمنتخب السعودي في كأس العالم، كون هذا"المونديال"يجمع نجوم الكرة العالمية كافة، وسيتيح لنا مشاهدة المدارس الكروية المختلفة وهي تحاول أن تثبت للعالم أحقيتها بلقب المدرسة الأولى، وآمل بأن يحقق نجوم"الأخضر"نتائج مشرفة ومستويات فنية عالية، لأن ذلك يرفع روحي المعنوية ويجنبني الانفعال، وسأستمتع بمشاهدة مباريات"المونديال"إلى جوار أسرتي". ويقول المشرف التربوي في إدارة التربية والتعليم في مدينة جدة حسن أحمد الغامدي"بقدر ما كان طلاب المدارس مشغولين بامتحاناتهم النهائية، إلا أن حديث"المونديال"لا يفارق أفواههم، وأكد عدد منهم أنهم استعدوا جيداً لأداء الاختبارات وحققوا نتائج طيبة، في سبيل الاستمتاع بالإجازة السنوية، خصوصاً أن جزءاً كبيراً منها سيذهب لمصلحة متابعة كأس العالم". وأضاف:"المونديال فرصة للترفيه عن النفس ومتابعة فنون الكرة والاستمتاع بمهارات اللاعبين البارزين مثل رونالدينهو، كاكا، كافو، أدريانو، بالاك، شفيشينكو، زين الدين زيدان وغيرهم. ناهيك عن متعة التنوع في تجمع المدارس الكروية كافة في ألمانيا ومشاهدتها في الإجازة، إنها المتعة الحقيقية، لمن يحب كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم، ومن الصعب التفريط في هذه التظاهرة الرياضية، وسأكون سعيداً وأنا أتابع معظم المباريات برفقة أصدقائي الأعزاء، لأنني تواق إلى سماع آرائهم وتعليقاتهم حول كل مباراة، وآمل بأن يكون ذلك ممتعاً". وشاركه الرأي رجل الأعمال السعودي رحيم عطاالله البلادي"هذا التجمع الرياضي يذكرني باجتماعات رجال الأعمال في المنتديات والمؤتمرات، التي تجمعنا معشر التجار، وأنا سعيد بتوقيت مباريات كأس العالم، الذي انطلق مع مطلع الإجازة المدرسية السنوية". وأضاف:"أنا متفائل كثيراً بمشاركة المنتخب السعودي، وسألزم نفسي بمتابعة مبارياته كافة، وفي الحقيقة لا أستطيع أن أتابع بقية مباريات كأس العالم، لكنني لن أضيع فرصة الاستمتاع بمباريات منتخبي المفضل عالمياً، إذ لفرقة السامبا البرازيلية عشق خاص، خصوصاً عندما يكون رونالدينهو ورينالدو يلعبان إلى جوار بعضهما، مع تمنياتي الصادقة للمنتخبين العربيين السعودي والتونسي بالتوفيق في المونديال". ... وتحضير نسائي لكأس العالم من أجل الحفاظ على الزوج والأبناء ! يتابع العنصر النسائي بقوة مواجهات كأس العالم، تقول الموظفة منى عبدالله:"سأتابع مباريات المنتخب السعودي، سواء كان زوجي معنا أم مع أصدقائه، لكن بالتأكيد حينما يكون معي أنا وأبنائي في منزلنا سأعد له مشروب الشاي الأخضر الممزوج بالنعناع المدني المفضل لديه، والتسلية بتناول المكسرات و"اللب المصري"، فأنا وأبنائي تعودنا على الجو الذي يحب زوجي من خلاله متابعة المباريات، وبالتالي هذا يساعدني كثيراً في خلق الجو المناسب له، لكي يقضي وقته معنا". أما سعاد الجهني فأكدت من جانبها أنها هيأت منزلها للحدث العالمي، من أجل تهيئة الأجواء لزوجها وأبنائها لمتابعة مباريات"المونديال"، وقالت: "قمت أنا وزوجي بتهيئة غرفة خاصة لمتابعة لقاءات كأس العالم فيها، إذ تم توفير جهاز تلفزيون ذي شاشة كبيرة، من أجل بقاء زوجي وأبنائي في المنزل وعدم ذهابهم الي المقاهي". واعترفت الجهني بأنها تتابع"المونديال"هي الأخرى، وتمتلك ثقافة رياضية وكروية، بسبب الاهتمام الذي يبديه أبناؤها برياضة كرة القدم، إلا أنها لم تبد تفاؤلاً كبيراً ببقاء أفراد أسرتها في المنزل لمتابعة"المونديال"، إذ من الممكن أن يبقوا بعض الوقت لكنهم غالباً يفضلون مشاهدته خارجه.