بعد ثلاث سنوات من عرضه"خطى القط الأسود"، عاد الفنان التونسي أنور براهم إلى"فضاء فلاجي الثقافي"في بروكسيل بعرضه الموسيقي الجديد"سفر سحر". وفي هذا العمل الجديد يواصل براهم العمل مع رفيقيه فرنسوا كوتيرييه على البيانو وجون لوي ماتينييه على الأكورديون. وتجدر الاشارة الى أن المشروع الجديد يجمع، شأنه في ذلك شأن"القط الأسود"، بين العود والبيانو والأكورديون. من خلال تلك الآلات يؤلف براهم، ويقترح علينا سفراً حرّاً بين الثقافات، بل قل حواراً مفتوحاً بين الألوان. من الشرق إلى المتوسط. ومن الموسيقى الكلاسيكية التي يمثلها البيانو إلى التانغو والجاز التي يمثلهما الأكورديون. ويبدو العود منفلتاً من تقاسيمه مفتوحاً على مقامات موسيقية تتنقل بين أقصى المغرب وأدنى الشرق، بمهارة تليق بابن حيّ الحلفاوين العريق في تونس، وتلميذ أستاذ العود علي السريتي. عشق وانفلات ولم يتبع أنور براهم نهج أستاذه ليبدع ضمن سياق الأغنية العربية"المثقفة"، غير أن ظلال ذلك الإرث الموسيقي تتبدّى حتى في أكثر الحالات انفلاتا وتحررا. فموسيقاه كثفت كل مضامين الهدوء والصخب، التنوع والتكثيف، الصرامة والانفتاح، التي أثرت الموسيقى العربية من دون أن تكونها حصراً. إنها موسيقى عربية من منطلق تعدّد هذه الموسيقى وانفتاحها. فأنور ليس عازفاً عربياً تقليدياً، ولا عازف جاز. كما تصعب خندقته ضمن ال"وورد ميوزيك"على رغم أنه انتقل إلى باريس مع بداية الثمانينات في فجر ال"وورد ميوزيك"، ونهل من الفلامنغو والجاز، بل وحتى الموسيقى الهندية. هو العاشق الكبير للموسيقى التركية، يعترف بأنه يحمل تعدّده معه انطلاقاً من العالم العربي. ويعتبر أن"موسيقى الجنوب المغربي بعيدة بملايين السنوات الضوئية عن الموسيقى في اليمن"... ومع ذلك فإن الاطار الحضاري الذي يرسمه لنفسه، يتسع لكل تلك المدارس والمناهج واللغات والأشكال... لكنّه في كل مرة يحرص على أن يفلت منها بطريقته. وبعد أيّام، سيضع أنور براهم جانباً مشروعه الجديد"سفر حر"، ليحلّ في القاهرة ضيفاً على"ربيع المورد". ويقدّم براهم في القاهرة برنامجاً خاصاً، يوم 12 أيّار مايو، برفقة عازف الكلارينيت التركي بارباروس إيركوزي، في معهد الموسيقى العربيّة التابع ل"دار الأوبرا"المصريّة.