تعتبر العلاقات السياسية بين السعودية وفرنسا من أقوى وأعرق العلاقات وأكثرها تطوراً، كما تعتبر باريس من أوائل العواصم الأوروبية التي اعترفت بالمملكة العربية السعودية. واعترفت فرنسا رسمياً في اذارمارس من عام 1926 بسلطان نجد عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ملكاً على الحجاز، وفي العام نفسه قام نائب الملك عبدالعزيز آنذاك وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن عبدالعزيز، بأول زيارة رسمية من الجانب السعودي إلى فرنسا، بينما قام ولي العهد آنذاك سعود بن عبدالعزيز بأول زيارة له الى باريس عام 1935، توالت بعدها إلى يومنا هذا الزيارات المتبادلة بين قادة وزعماء البلدين. وخلال عام 1939 تم اعتماد أوراق أول سفير للسعودية في باريس من رئيس الجمهورية الفرنسية آنذاك ألبير لوبرران. وفي عهد الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي تم انتخابه رئيساً لبلاده عام 1995، كان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أول من قام بزيارة باريس في عهده، إذ جاءت زيارته بعد 13 يوماً من انتخابه، وبعد سلسلة من الزيارات حل شيراك المرة الأولى ضيفاً على السعودية عام 1997، وزار بلاده في العام نفسه وزير الدفاع السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، بينما كانت الزيارة الأولى لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لفرنسا عام 1998، تلتها زيارة أخرى عام 2001، وبعدها زيارته الأخيرة التي كانت من ضمن جولة قام بها خادم الحرمين الشريفين على بعض الدول الغربية. وعن مستقبل العلاقات السياسية بين الرياضوباريس، قال السفير الفرنسي في الرياض شارل أونري داراغون:"علاقتنا بالسعودية عريقة وقوية، ومن يتذكر اللقاء التاريخي بين الملك فيصل بن عبدالعزيز والجنرال ديغول في عام 1967، يعرف أن روابط الصداقة والعلاقات السياسية كانت تربط السعودية وفرنسا منذ القرن ال 17، إبان حكم الملك لويس الرابع عشر، وكانت هناك نية لعقد تحالف بين البلدين خلال عام 1811، بين نابليون بونابرت والسعوديين، وتعتبر فرنسا من أوائل الدول التي اعترفت بالدولة السعودية الجديدة"، وأضاف:"وجمعنا تحالف مع الرياض خلال حرب تحرير الكويت، وأعتقد أن هناك مستقبلاً واعداً ينتظر العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين البلدين، وتسهم في ترسيخ هذا النجاح في التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، علاقات الصداقة التي تربط القادة في كل من الرياضوباريس، والتي امتدت إلى صداقة متينة بين أبناء البلدين"، واصفاً العلاقات بين البلدين:"بأنها مشرفة وراسخة". وأشار السفير الفرنسي إلى أنه إضافة إلى العلاقات الشخصية بين الزعيمينالملك عبدالله والرئيس شيراك، تستفيد الرياضوباريس من توافق آرائهما حول قضايا مختلفة، وأضاف:"تلعب كل من السعودية وفرنسا، دوراً استراتيجياً ورئيساً، ليس في ما يتعلق بقضايا المنطقة فحسب، بل يمتد ذلك إلى الأسرة الدولية، إذ يعترف العالم بتأثير البلدين في الشأن الدولي". وفي نهاية حديثه الى"الحياة"، أوضح داراغون أن العالم يترقب هذه الزيارة التي وصفها بزيارة دولة، ويعلق الفرنسيون آمالاً كبيرة على استثمار صداقة البلدين في التعاون المتنوع، وقال:"صداقتنا مع السعوديين فخر لنا". ومن جانبهم، اعتبر بعض الاقتصاديين المرافقين للرئيس الفرنسي في زيارته، العلاقات الاقتصادية بين البلدين غير منصفة مقارنة بالعلاقات السياسية القوية التي تجمع الرياضوباريس، وقال أحد الاقتصاديين الفرنسيين خلال حفلة استقبال أقامها لهم السفير الفرنسي في مقر سكنه في الحي الديبلوماسي أول من أمس:"يعتبر الاقتصاد السعودي المتنامي عامل جذب للشركات الفرنسية، التي انتبهت أخيراً للامكانات الضخمة التي تزخر بها السعودية، ويدل على هذا الاهتمام الوفد الاقتصادي الرفيع الذي يرافق الرئيس في زيارته، والذي سيبحث مع نظرائه السعوديين سبل تعزيز التعاون الاقتصادي في قطاع الدفاع والطاقة والصناعة والفنادق، إضافة إلى القطاع المصرفي، وأعتقد أننا سنحظى بشرح مفصل من الهيئة السعودية العامة للاستثمار، في ما يخص فرص الاستثمار في السعودية". وقال ل"الحياة"مازحاً:"يشعر الاقتصاديون الفرنسيون بغيرة من السياسيين، في ما يتعلق بعلاقتهم مع السعودية، ونتمنى أن تفرز هذه الزيارة مايمنح التعاون الاقتصادي بين الرياضوباريس حقه، مقارنة بالعلاقات السياسية".