نشط المسوقون لبرامج السياحة والسفر باكراً هذه السنة قبل موسم الصيف ب90 يوماً بالإعلان عن عروض جديدة تشمل رحلات سياحية، وتعليمية، واستشفائية، في وقت يتوقع المراقبون تسجيل خسائر جديدة لهذا القطاع، الذي عاد للانتعاش نسبياً خلال السنتين الأخيرتين. وتأتي مخاوف المتعاملين في السوق لأسباب متنوعة، أهمها: تراجع سوق الأوراق المالية السعودية، ما أثر في موازنة شريحة كبيرة من المستثمرين، وانتشار مرض أنفلونزا الطيور في محطات سياحية مرغوبة لدى السعوديين مثل اندونيسيا. وجاء قرار مؤسسة النقد العربي السعودي ساما بحصر القروض المصرفية في 15 راتباً فقط، ليحطم ما تبقى من أحلام السفر، التي اتسعت بعد أن كانت محصورة على شريحة معينة في المجتمع السعودي. ويضيف مدير المبيعات في مجموعة"إيلاف"السياحية محمد جابر أبو عيسى سبباً آخر، قائلاً:"السعودية أيضاً أسهمت في تراجع الطلب بسبب سفر كثير من المقيمين الذين كانوا يفضلون قضاء إجازاتهم السنوية في غير بلادهم، إلا أن تراجع سوق الأسهم هو الأهم في الوقت الحالي". ويضيف أبو عيسى مبيناً:"المسافر يستفيد من أموال خصصها للسفر بعيداً من أساسيات حياته، إلا أن ما حدث في سوق الأسهم طاول أساسيات الحياة، وأمر طبيعي أن نتوقع تراجعاً، إلا أننا أصبحنا متعودين على الأزمات بعد 11 أيلول سبتمبر ومرض"سارس"و"تسونامي"و"أنفلونزا الطيور". ويرى الخبير السياحي أن ابرز الأسلحة لمحاربة تراجع السوق"التوعية، فمع بداية ظهور مرض أنفلونزا الطيور في شرق آسيا كان هناك تراجع، ولكن مع التوعية فهم الناس وعرفوا أنها لا تنتقل من إنسان لآخر، والمواقع السياحية بعيدة من مزارع الدواجن أو مركز لأي وباء، وهناك حلول أخرى مثل الدول البديلة". ويؤكد أبو عيسى أن"السوق شهدت انتعاشاً خلال السنتين الأخيرتين، ما عدا الولاياتالمتحدة فكانت العودة إليها ضعيفة وتركزت من المنطقة الوسطى، وكانت الدول العربية وشرق آسيا وتركيا شهدت الإقبال الأوسع، وننتظر شهر أيار مايو الذي تطرح خلاله العروض السياحية ويقام معرض"السفر العربي"الذي يحدد بشكل رسمي أسعار السوق". الإقبال السعودي والخليجي على سوق السفر خلال السنوات الأخيرة والذي تركز على شرق آسيا التي سجلت ماليزيا وحدها قفزات في أعداد السياح السعوديين من 20 إلى 50 ألف في ثلاث سنوات، وفقاً للمجلس الماليزي للسياحة. ويسعى المتعاملون إلى الضغط على الموردين الأصليين في الدول لإفهامهم حقيقة الوضع الحالي في السعودية، خصوصاً والخليجي عموماً، بعد الضربات التي تلقتها أسواق المال، لتخفيض الأسعار، كي لا يخسروا المتعاملين معهم. يشرح الخبير السياحي الحسين بن إبراهيم وضع سوق السفر:"خلال 15 سنة كانت بوصلة السائح السعودي مختلفة وكان للدول العربية النصيب الأكبر، خصوصاً بعد 2001، إلا أن هدوء الأجواء السياسية أسهم في عودة السوق، حتى الأوروبية، وبقية دول شرق آسيا الحصان الأسود في السباق السياحي". ويصف ابن إبراهيم سوق السفر بأنها"ابن عم سوق الأسهم، فهي تعتمد على الإشاعات، وأخبار المجالس، فمثلاً في 2003 عند انتشار مرض"سارس"، جاء إلى ماليزيا حالة من الصين عبر مُسِن، وتوفي وانتشر الخبر وتراجع السياح، على رغم أنها منطقة غير موبوءة، وهناك دول تسافر إليها عائلات بسبب أن إحدى العائلات زارتها". وعن السنتين الأخيرتين يعلق الخبير السياحي:"مع ارتفاع الأسهم وازدياد الطلب على القروض المصرفية بدت شريحة جديدة على أسواق لم تكن مرغوبة لدى السائح السعودي، فكثر من الوجوه التي كانت في شوارع القاهرة، أو جاكرتا أصبحت ترتاد بحيرة جنيف وشوارع الشانزليزية، وهذا لن يكون هذا العام كما أعتقد". السياح السعوديون وجدوا في دول أوروبا التي كانت بالنسبة إلى كثر منهم مجرد مقصداً سياحياً مختلفاً مع طفرة الأسهم، لدرجة وصل فيها عدد السياح السعوديين والخليجين في سويسرا 400 ألف خلال الصيف الماضي، قضوا ربع مليون ليلة بحسب مجلس السياحة السويسري. وعلى رغم الإعلان عن إطلاق شركات لتنمية السياحة البينية العربية إلا انه لم يعلن عن تفعيلها، أو إصدار أرقام عن عدد السياح العرب بين دول المغرب أو المشرق العربي.