اطلعت على المقالات والتعليقات التي تناولت مقال أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله الذي نشر في صحيفة الوطن يوم الأربعاء الماضي، وكان تعقيباً على مقال الكاتب صالح الشيحي الذي انتقد فيه زيارة 30 طبيباً من الزلفي لمستشفى الزلفي العام.. الخ، وكان لذلك المقال صدى في العديد من الصحف. يقول احد الكتاب في تعليقه على مقال الأمير سلمان انه لا يتفق معه في استغرابه وعتبه على الكاتب والصحيفة التي نشرت ذلك المقال، وانه أول من يدرك أن خطورة الأفكار أو وجهات النظر الخاطئة لا تكمن فيها فقط، وإنما في بقائها مكتومة تتمدد وتنتشر تحت جنح الظلام! ونقول: هذا كلام جميل، لكن هل ينطبق هذا الكلام على جميع الأفكار أياً كان نوعها؟ بالتأكيد لا، ليس كل غاية تبرر الوسيلة، منذ سنوات ونحن نحذر من الخطابات المتطرفة أو المسيسة، سواء السياسي منها أو الديني أو الثقافي، ونطلب بإعادة صياغة تلك الخطابات المتطرفة أو المسيسة سواء السياسي منها أو الديني أو الثقافي، ونطالب بإعادة صياغة تلك الخطابات، لأننا نؤمن بأن بث الأفكار السلبية لا يذهب في الهواء، وإنما يصيب الناس في عقولها، فمنهم من يملك مناعة من تلك الأفكار ومنهم من يتفاعل معها وينساق وراءها، إما لضعف وازعه الديني أو لضعف حسه الوطني أو لأنها تلامس مشاعره، وهذا النوع من الناس يسهل التأثير فيه من خلال الأطروحات والخطابات المضللة، إذا أراد ذلك الكاتب أن يتم فسح المجال لإظهار الأفكار أي كانت، فلا مانع من ظهور الخطاب المتطرف على المنابر، مشكلتنا ليست في الجاهل منا فقط، بل في المتعلم الجاهل! كاتب آخر علق على مقال الأمير سلمان، يقول:"إننا اعترفنا لكم ولغيركم ولكل قارئ من قبل اننا وفي مرات مختلفة اجتهدنا في الرؤية فأخطأنا الفكرة، ومع هذا يصعب جداً أن نتعهد أمام أنفسنا بعدم الوقوع في خطأ في القادم من القادم، ذاك أننا بشر نخطئ". يا أخانا، الاجتهاد يكون في المسائل الغامضة أو التي لا يحكمها نظام أو دستور، وليس في المسلمات، وعندما تتحدث عن أمور واضحة ومحسومة يعني انك تضيع وقتك ووقت الآخرين أو أنك تهدف إلى تغيير نمط الحياة بأفكار متناقضة! وهذا أمر مرفوض مهما آمنا بحرية الرأي، فالحرية لها سقف ولها ضوابط، وإلا أصبحت الحياة فوضى، ثم إن تكرار عبارة اننا بشر نخطئ ونصيب، لا تجعلنا نتجاوز الخطأ بل نقف عنده، ونعمل على تصحيحه وعدم تكراره. في اعتقادي أنه عندما تكرّم الأمير سلمان بن عبدالعزيز بالرد على كاتب في صحيفة حول موضوع حساس وخطير، يعني ذلك انه ليس"كاتباً"في صحيفة، بل مسؤولاً يرى أن من واجبه أن يصلح الخلل بأية وسيلة، سواء بكتابة مقال أو بإرسال خطاب أو بإجراء مناسب، وغاية الأمير سلمان هي غاية كل حكام المملكة، المتمثلة في توحيد القلوب قبل توحيد الأفكار، فإذا توحدت القلوب توحدت الأفكار، مثلما فعل الموحد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - عندما وحد قلوب الكثيرين أصبح باستطاعته توحيد أفكارهم، وبالتالي توحيد الأرض التي ما زلنا ننعم بوحدتها. كنت أعتقد أن حديث الأمير سلمان من خلال ذلك المقال سيستفاد منه من بعض الإعلاميين والمثقفين، وينبههم إلى خطورة الطرح السلبي، لكن للآسف ذهب البعض منهم للمديح متجاهلاً القضية الأساسية، أو للاختلاف، لمجرد أن يقول"شوفوني"، ولم يتوقف هؤلاء لحظة ليعطوا القضية حجمها الطبيعي، كانت فرصة للبعض للاستفادة من حديثه لمواجهة التحديات التي يعيشها مجتمعنا من تكريس لمفاهيم خاطئة، ومن يري أن القضية مجرد أفكار لابد من أن تظهر، يجب أن يدرك أن الفتنة وسيلتها الكلام وغاياتها الخراب والدمار، فليس هناك حرب تبدأ بالقنابل والرصاص قبل أن يسبقها كلام يحقن القلوب والعقول، ويثير المشاعر، فتحقن البنادق وتثور القنابل، كان يفترض على بعض الكتاب بعد اطلاعهم على مقال الأمير سلمان أن يبحثوا في أدراجهم ويقلبوا أوراقهم ليتأكدوا أنها فعلاً لا تحمل في طياتها ما يكرس مفهوم المناطقية والإقليمية والذات! وان كان البعض لا يتفق مع الأمير سلمان في استغرابه من نشر مقال الكاتب الشيحي فليكفوا عن استغرابهم من ظهور ما يصفونه بخطابات متشددة أو مسيسة، فالجميع يطرح أفكاراً، وما يقبلونه لأنفسهم، لابد من أن يقبلوه لغيرهم، فالكيل بمكيالين سنة المفسدين! [email protected]