السعوديون يعيشون في قلب المعادلة الاقتصادية، ويخوضون غمار تجربة المضاربة في سوق الأوراق المالية، ومنذ الأمس ونحن نعيش حداداً وطنياً على تراجع حاد فقدت معه أسهم الشركات بلايين الريالات في قيمها. السؤال الذي دار بين الملايين ولم يجد جواباً شافياً هو: متى يتوقف هذا الانزلاق، وهو حديث المدينة الأول وفاتحة حوار بين مَنْ تعرف ومَنْ لا تعرف، وكنت بالأمس في المطار وقت الإغلاق الصباحي، ودُهشت أنا وشخص يجاورني في مقعد في صالة الانتظار، عندما أعلنت النقاط المفقودة على شاشة التلفزيون، وقلنا في وقت واحد: يا لطيف! هذا الهبوط العاصف له ما يبرره من أسباب تضخم بالونة الأسعار، وعلى رغم أنه كان متوقعاً في أي لحظة إلا أنه حضر للجميع كالصدمة، والناس هنا تتحدث دائماً عن مناورة ومؤامرة وتُكيل الاتهامات لكبار المضاربين وللمحافظ المالية الضخمة، لكنهم ينسون دائماً أن المضارب الأضخم هو مجموع المحافظ الصغيرة، التي تضغط على المؤشر بالانحدار وقت شعرت بالهلع والاضطراب، وهي التي تدفع السوق إلى خسارة نقاط أكثر بعمليات البيع العشوائية المتوالية. ها قد بدأتُ تحليلاً كنت أتحاشاه دوماً لسوق الأسهم، لكن وبما أن الفراشين والسعاة وحراس الأمن والمدرسين والأطباء ورجال الشرطة قد خاضوا في الأمر يمنة ويسرة بتحليلات فنية ومراجعات مالية وتبريرات تُنسَب إلى المنطق وأخرى إلى نظريات الإحصاء، فلا يمنع كاتبَ عمود في صحيفة محلية أن يدلي بدلوه في موضوع وطني، هو هاجس المجتمع، خصوصاً أني لم أسمع عن مجازاة كاتب يهذر في مواضيع الأسهم من دون معرفة. بنهاية المقال اليوم لن تجد جواباً ل"متى"القاتلة تلك، واللون الأخضر المنعش الذي سيظهر للمتعاملين كواحة خضراء وسط صحراء قاحلة سيُنهي فاصلاً من"الأحمر"الذي تلونت به جميع الشركات المتداولة، وسيُنهي أيضاً سلسلة من رسائل الجوال المليئة بالتهكم الذي امتلأ به هاتفي منذ بدأت النكسة تندب الحظ وتلوم"جماز السحيمي"وتطلب التداول 24 ساعة، سبعة أيام في الأسبوع وتتهم"القاعدة"بمسؤوليتها وتطالب بإخراج"المواشي"من جزيرة العرب. [email protected]