حينما يبكي الرجل فهو حتماً وصل إلى قمة الألم. أبو فهد الذي لجأ إلى ذرف الدموع بعد الله لعلها تخفف عليه قهر الدَّين الذي أدخله السجن وجعل أطفاله الثمانية أيتاماً على رغم أنه على قيد الحياة. هذا الرجل الأربعيني الذين أطلق نداء استغاثة عبر"الحياة"قبل نحو شهرين، حينماً كان حراً إلى فاعلي الخير لسداد ديون لجهات عدة من بينها مصرف وشركات تأجير سيارات وأفراد وصلت مجتمعة إلى 250 ألف ريال، وقع ما كان يفزع منه فلم يجد من يلبي صرخته. هنا أوقف لدى مرجعه في حفر الباطن حيث يعمل عسكرياً بسبب شكوى تقدم بها أحد الأشخاص الذي استدان منه 116 ألف ريال لعدم توافر من يسدد عنهتحتفظ الجريدة بالأوراق كافة. يقول أبو فهد الذي يسكن في بيت بالإيجار، ولا يبقى له من راتبه البالغ 6700 ريال، منه إلا 1700 ريال، بعد خصم أقساط مترتبة عليه إلى جهات مختلفة"إن المبلغ الذي سجنت بسببه استفدت منه في إعادة بناء منزل والدي في قريتنا، إلا أنني عجزت عن سداده بعد ذلك، لأن الذي يتبقى من مرتبي بعد سداد أقساط الديون الأخرى لا يكفي حتى للضروريات التي تحتاج إليها أسرتي". ويضيف:"خرجت من التوقيف الأربعاء الماضي بكفالة أسبوعين، وإذا لم استطع سداد الدين خلالها سأعاد إلى السجن"، مؤكداً أن مُدِينَه لم يقبل بخروجه من هناك إلا بعد شفاعات عدة من بعض أصدقائه. أصبحت"دورات المياه"في عمل أبو فهد ملجأ له، ليبكي وحيداً هرباً من عيون زملائه الذين عرفوه قوياً،"بعض الذين استدنت منه يأتون إلي هناك، ولا يمانعون في نهري أمام زملائي، لأنني أماطل في رد مالهم، ما جعلني أشعر وقتها بقهر شديد وتعب نفسي شديد، وأسرع إلى دورات المياه، لأنفجر هناك باكياً، لأني في حال ذرفت دموعي أمام العلن سأكون في موقف محرج وضعف، وهذا ما لا أريده. بسبب هذا الأمر كرهت عملي والذهاب إليه". ووضع أبو فهد حلاً للخروج من أزمته تتمثل في استعداده في حال تكفل أحد بسداد دينه البالغ نحو 250 ألف ريال أن يردها إليه بالتقسيط،"أذهب معه إلى المحكمة وأثبت له ما في ذمتي على أن يستقطع مبلغ 300 ريال من راتبي عند نزوله، آخر كل شهر حتى يسترد المبلغ كاملاً"، مبيناً"المشكلة أن ديوني موزعة على جهات مختلفة ما يجعل سدادها بالتقسيط أمراً صعباً". وأقسم الرجل الذي تبدو عليه مظاهر التدين، أنه استدان ثلاثة آلاف ريال قبل العيد الماضي لتوفير ثمن الأضحية وملابس أطفاله ولم يسددها بعد. الرياض - عادل الثقيل