قمة بعد قمة وتستمر المشاورات والاجتماعات للوصول إلى عملة خليجية موحدة، كحلم شعبي لواحدة من أهم مقررات الوحدة الاقتصادية الخليجية، التي مضى على توقيع بنودها نحو ربع قرن. العملة الموحدة بدأ الاتحاد الأوروبي في تداولها منذ سنوات، بعد الوصول لليورو، ودول الخليج تعتبر التجربة الأوروبية نموذجاً لتكتل نقدي يمكن الاحتذاء به، خصوصاً وأنها تمتلك العديد من المقومات المتشابهة، وهنا يكبر السؤال في أذهان الاقتصاديين والمراقبين: ما الأسباب التي دعت إلى تأخير العملة في الخليج؟ ويعتقد الخبراء الاقتصاديين وبعض المسؤولين في المنطقة، ان هناك تحفظات من بعض الدول في الدخول في الوحدة النقدية، بسبب الشك في نجاح العملة الخليجية الجديدة، إلا أن التكامل الاقتصادي المنشود فيما بين هذه الدول كان يفتقد إلى عملة واحدة، ما اضطر دول الخليج لعمل برنامج للوصول إلى هذه العملة المفقودة، لتبدأ مرحلتها الأولى عام 2002، إذ تم اعتماد الدولار الأميركي كمثبت مشترك بين عملات دول المجلس، تلتها المرحلة الثانية والمنتهية بنهاية العام الماضي، إذ يتم خلالها الاتفاق على معايير الأداء الاقتصادي للدول، والمفترض ان يكون العام الحالي شهد تحديد الجهة التي ستتولى إصدار مهمات العملة الموحدة، ووضع وإدارة السياسات النقدية الموحدة، وفي عام 2007 سيتم الاتفاق على مسمى العملة الموحدة وفئاتها ومواصفاتها وأسلوب طرحها للتداول وآلية سعر صرفها، لتأتي المرحلة الأخيرة في عام 2010 بإطلاق العملة. هذه هي الأحلام وتوقعات القادة الخليجيين من محافظي مصارفهم المركزية، ووزراء اقتصاداتهم وتجارتهم، ومن أمانة مجلسهم كونهم يعلمون ان إيجابية هذه الخطوة الرئيسية هي تكوين سوق خليجية واحدة، ما سيسهل عملية التجارة البينية ويسّرع حركة الرساميل فيما بينها، وسيؤدي هذا بالتالي إلى توسيع السوق بالنسبة إلى كل المنتجين في هذه الدول، ما سيزيد من حجم المشاريع الإنتاجية في دولهم الست بلا استثناء. وإذا كانت الدول الخليجية الست اتفقت على إنشاء مجلس التعاون في عام 1981، ليكون بداية لانطلاقة نحو اندماج كامل، أو على الأقل اندماج اقتصادي كامل فلا بد ان يكون هناك عملة، ولكي يكون هناك عملة لا بد من الفراغ من الجدال الجمركي، ولا بد من إيجاد سوق مالية واحدة، وسوق عمل واحدة، وبالتأكيد فإن كل ذلك يحتاج إلى إيجاد ما يمكن تسميته السوق الخليجية المشتركة، وممارسة ما تعنيه السوق المشتركة، وهي ممارسات ما زالت في شكل أو في أخر مفقودة، حتى في أبسط أبجديات التعامل المشترك، مثل الاكتتابات في أسهم الشركات الخليجية، أو إبداء المرونة في افتتاح فروع المصارف الخليجية، والاهم إعطاء المنتج الخليجي المجاور أفضلية على غيره من المنتجين حول العالم، بعد إعطاءه ميزات التنقل والعمل الاقتصادي بالشكل نفسه. ويبقى السؤال الذي طرحة الاقتصاديون غير مرة: هل يحتاج الخليجيون إلى"ماسترخت اقتصادي"خليجي يأخذ كل الشؤون الاقتصادية والنقدية ذات الصلة ويضعها في اتفاق أو إطار لا يقبل إلا العمل، ولا يرضى إلا بتنفيذه تنفيذاً يعكس رغبة حقيقية في هذه الوحدة النقدية تأسيساً للوحدة الاقتصادية؟