هذه المقولة حقيقة على أرض الواقع، خصوصاً عند بعض الأحزاب السودانية والحركات التي تسمي نفسها ب"التحريرية". بعض الساسة والسياسيين السودانيين يطبقون هذا المثل، ليكونوا تحت الأضواء في وسائل الإعلام المختلفة. وليذكرهم الشعب دائماً بأنهم معارضون أو مساندون لتلك الجهة، أو مخالفون من أجل المخالفة فقط، ولكي لا يطويهم النسيان إذا تواروا عن أجهزة الإعلام كافة. لذا دائماً تجدهم يقولون ما لا يفعلون، ويخالفون في الآراء ويدلون بتصريحات صحافية وتلفزيونية من أجل الوجود الجماهيري والسياسي، وهم لم يأتوا بجديد من أجل الوطن الغالي أو إيجاد الحلول الناجزة. وأقرب مثال هو ما قاموا به من تأييد لدخول القوات الأممية والقرار 1706، حتى لو أدى ذلك إلى احتلال السودان، ليس من أجل الوطن أو المواطن ولكن من أجل إزاحة السلطة الحاكمة، ليمارسوا ما كانوا يمارسونه في السابق باسم الحرية والديموقراطية الاسمية فقط، وعندما أُتيحت لهم الفرصة لتطبيق الديموقراطية التي يتشدقون بها، لم يفعلوا ذلك. الشعب السوداني يعلم أن الأحزاب التقليدية السابقة جميعها والحديثة منها لم تأت بجديد، أو بطرح ما يُخرج السودان من عنق الزجاجة، فلنأخذ حزب الأمة مثلاً ورئيسه الحالي الصادق المهدي، منذ أن كان رئيس وزراء، عندما فُصل له المنصب تفصيلاً وهو لم يبلغ السن القانونية، هو الصادق الذي يحمل أفكاره نفسها، التي يتاجر بها الآن ويريد أن يبيع السودان وأهله بموافقته على دخول القوات الأممية. إن التحول في المواقف الوطنية، ليس من أجل عيون السودان وشعبه، كما يقول عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولكن من أجل مصلحته الخاصة التي تهمه كثيراً كرئيس لحزب الأمة وإمام للأنصار، ثم بعد ذلك مصلحة حزبه، لذا يريد أن يجلس على كرسي السلطة، ليحكم السودان للمرة الثالثة. أما الحزب الشيوعي بقيادة سكرتيره محمد إبراهيم نقد، فلديه شعار واحد"خالف تذكر"، ولم يقدم شيئاً جديداً طوال ظهوره على الساحة السياسية السودانية، لذا نقول ماذا قدم لنا الحزب الشيوعي عبر مسيرته للسودان ومن أجل السودان، غير تنظيم المظاهرات عبر النقابات العمالية، هل قدم لنا طرحاً متكاملاً ورؤى واضحة في إيجاد الحلول الناجعة التي تخرج البلاد من تلكم المشكلات والإنحناءات والتعرجات التي مرت بها؟ ماذا استفدنا منهم، غير كثرة الحديث والجدل غير المجدي في كثير من الأحيان، ومع بعض الأحزاب أو التجمعات التي جمعت بينهم، وبين المعارضة في الداخل والخارج. أما الحزب الذي يسمي نفسه بالاتحادي الديموقراطي شعاراً للحزب، فهو اسم من غير مسمى، لأنه بعيد كل البعد من معنى الاتحاد والديموقراطية التي يحملها شعاراً له، وهو حزب مفكك الأوصال ومنقسم، ولم يطرح لنا شيئاً على أرض الواقع أو الساحة السياسية التي تهم السودان وأهله، بل هو يسير على النهج القديم غير المتطور وبالأفكار نفسها، وعلى حساب سمعة الأسلاف السابقين، الذين يشهد التاريخ بنضالهم وسطروا وطنيتهم وحبهم للسودان ولأهله بأحرف من نور. كل الأحزاب المعارضة والمتعارضة السابقة والحديثة، تغرد خارج السرب، ونسمع جعجعتها ولا نرى طحينها، وتدافع وتطالب الحكومة بأشياء خاصة بها، من تعويضات أو مشاركة في الحكم أو في تقسيم الثروات، أو بأشياء خاصة تهم أحزابها، من أجل تقليد معين، حتى تحين لها الفرصة وتضرب بخنجرها المسموم من الخلف، لتكسب مكاسب خاصة، ويا ليتها كانت مكاسب تصب في نهر السودان، أو من أجل مصلحته. هنالك ساسة وسياسيون لا يعجبهم"العجب"يحملون أفكار"خالف تذكر"فقط، ومن أجل المصلحة الخاصة لا المصلحة العامة، وبالقدر نفسه هنالك أيضاً من قلبه وعقله على السودان وعلى مصلحته ومن أجل تقدمه وتنميته، وفي الوقت نفسه يصنفون ويحسبون على غير ذلك. لذا نقول إن مقولة"خالف تذكر"أصبحت غير مجدية، وهي لا تقدم السودان إلى الأمام في المحافل المحلية أو الدولية، بل تقصف به إلى متون الهاوية، وتجعله في مهب الريح، وبأيدي أبنائه قصيري النظر. جعفر حمودة - الرياض [email protected]