الخرطوم – فتحي العرضي نبحث تغيير اسم الحزب ليس خوفاً من تدين السودانيين وإنما لانهيار الاشتراكية. قوى المعارضة مُطالَبة بتوافق لبناء الدولة قبل مرحلة التنافس الأيديولوجي. الأحزاب السودانية ما زالت متأثرة بالطبيعة القبلية بما فيها الحزب الحاكم. كشف القيادي في الحزب الشيوعي السوداني، الدكتور الشفيع خضر، ل «الشرق» عن وجود نقاشات بين الشيوعيين في السودان لبحث إمكانية تغيير اسم الحزب «لكنها لم تنتهِ إلى توافق بينهم»، حسب قوله، وأرجع هذا النقاش إلى انهيار المعسكر الاشتراكي عالمياً نافياً أن يكون السبب وجود تنافر بين الحزب وعموم السودانيين المعروفين بتدينهم. وقال الشفيع خضر، في حواره مع «الشرق»، إن أعضاء الحزب الشيوعي يصلون الفروض الخمسة ويصومون شهر رمضان ويلتزمون بعدم التبشير بأفكار تخالف قيم الشعب السوداني، رافضاً اتهام من سمّاهم بعض المتشددين لأعضاء الحزب ب «الكفار وإن صلّوا». واعتبر خضر أن قوى المعارضة في السودان مُطالَبة بالعمل على بناء وطن يسع الجميع قبل الولوج إلى مرحلة إصلاح مؤسسات الدولة على أساس التنافس الأيديولوجي، وإلى نص الحوار: * ألا تعتقد أن اسم حزبكم «الشيوعي» يخلق نفوراً عند السودانيين المعروفين بتدينهم؟ – الحزب الشيوعي السوداني تأسس في 15 أغسطس 1946، مر بعدة مراحل انضم خلالها إلى الحركة السودانية للتحرر الوطني ثم لاحقا دخل في تحالف وخاض انتخابات باسم الجبهة المعادية للاستعمار وكان هذا قبل استقلال السودان، لاحقا أعلن اسمه الحالي «الشيوعي»، وأعتقد أن مسيرة الحزب التي تتجاوز الستين عاما تثبت أن الشعب السوداني يمتلك وعيا متقدما ويدرك أن المسألة مجرد اسم فقط بدليل أن أعضاء من الحزب فازوا في مواعيد انتخابية سابقة، وأعضاء الشيوعي السوداني يصلون الصلوات الخمس ويصومون شهر رمضان، وأعتقد أنه اتضح تماما للمواطن السوداني أن الحزب الشيوعي يضم سودانيين مسلمين ومسيحيين ولا يبشِّر بأي قيم غير قيم الشعب السوداني وبما لا يتعارض مع التراث العربي والإسلامي والإفريقي. * هل فكرتم في تغيير الاسم؟ – مسألة تغيير الاسم طُرِحَت بجدية مؤخرا ليس نتيجة للطبيعة المحافظة للشعب السوداني وإنما لانهيار المعسكر الاشتراكي، وإذا لم يتوصل الجميع داخل الحزب إلى توافق وقناعة حول موضوع تغيير الاسم فلن يتم ذلك، فهناك من يعتقد أن تغيير الاسم ضروري لمواكبة المرحلة الجديدة، وهناك من يرى أن مسألة تغيير الاسم ستكون مجرد انتهازية لأن للحزب تاريخا طويلا وعريقا واستطاع أن يحافظ على نفسه ولم يهرب منه أحد، وأنا أرى أنه من المفترض أن نواصل عملنا بنفس المسمى لأنه مهما غيَّرنا الاسم سيقولون لك «الحزب الفلاني الفلاني بين قوسين الشيوعي سابقا»، علماً أنه في آخر مؤتمر للحزب طُرِحَ هذا الموضوع وأقر الجميع استمراره بنفس المسمى. * هناك أنباء عن خلافات داخل تحالف المعارضة، كيف يتم التوافق لاحقا بين هذه القوى لإدارة حكومة انتقالية؟ – شخصيا لا أخاف الاختلاف طالما أنه يتم في إطار المناقشات، هذه المسألة إيجابية ومن المفترض أن نشجعها، كفانا أن يكون لنا صوت واحد وأعتقد أن هذا قمة التحضر، حتى أن الميثاق الذي أُعلِنَ عنه قبل أيام «ميثاق البديل الديموقراطي» خرج بشكله الحالي بعد جملة من الخلافات داخل مكونات المعارضة حول التفاصيل. * كيف ترى عملية التغيير السياسي حالياً في السودان؟ – السودان الآن ما زال مصلوباً ومثخناً بالجراح وآن الأوان ليترجل فما زال بناء الدولة السودانية غير مُنجَز، وإذا لم تتجسد القناعة وسط القوى السياسية بضرورة بناء هذه الدولة في إطار توافقي وطني – على أن ندخل لاحقاً مرحلة التنافس الأيديولوجي بين الأحزاب – سنكون أضعنا سنوات من عمرنا، بالتالي أرى أن الحركة السياسية وبأجيالها المختلفة حريصة أن يتم بناء وطن يسع الجميع. * وصف بعض المتشددين «الشيوعي السوداني» ب «الكافر وإن صلى»، هل تتوقع حال حدوث تغيير سياسي أن تعلو نبرة التشدد والانفلات؟ – أرى أن الأمر في المقام الأول يتعلق بالانفلات السياسي، كل هذه دعوات سياسية ملفَّحة بأغطية دينية، عندما رحل السكرتير العام للشيوعي محمد إبراهيم نقد كان موكب تشييعه أبلغ رد على كل هذه الاتهامات، في العزاء كنت تسمع هتافات مختلطة بأهازيج أهل الذكر من الطرق الصوفية المختلفة وتسمع أنصار السنة وترى الطوائف الدينية المختلفة، هذه المجموعات لم تجتمع كذبا أو نفاقا ولكن اجتماعها جاء تأكيدا على أن الحزب الشيوعي السوداني وقائده الراحل نقد من صميم هذا النسيج الاجتماعي السوداني، بالتالي فإن الدعوات التكفيرية دعوات سياسية في المقام الأول وبتغذية من النظام الحالي وهي محصورة في أوساط السياسيين وليست متجذرة بين المواطنين، من قبل خرجت دعوات سياسية عام 68 وادعت أن الحزب فعل وفعل وتم طرد نوابنا من البرلمان، وبعد مرور سنوات طويلة سمعنا أن هناك سياسيين اعترفوا بتدبير مكيدة طرد نواب الشيوعي. * هناك اتهام للشيوعي السوداني بأنه مؤسسة غير ديموقراطية بدليل سيطرة وجوه معينة على الحزب لفترة طويلة، أنتم تنادون الآن بالتغيير فهل فاقد الشئ يعطيه؟ - المسألة نسبية، الأمر هنا يتعلق بمدى مؤسسية الكيانات السياسية وغير السياسية في السودان، أعتقد أننا نحتاج أولاً إلى معرفة المعيار الذي نقيس به ديموقراطية المؤسسات خاصة وأن البلاد ما زال فيها أثر للقبيلة. * هل أثر القبيلة موجود حتى وسط حزب تقدمي مثل الشيوعي السوداني؟ - أعضاء الحزب من أبناء الشعب السوداني، ليسوا قادمين من موسكو في ثلاجات، تجد بينهم أبناء قبائل «المسيرية» و»الشايقية» و»الدناقلة» و»أولاد فور»، هذا أمر طبيعي وإنكاره فيه نوع من الخلل، بالتأكيد أثر القبيلة في الشيوعي أقل منه في حزب كالمؤتمر الوطني الحاكم لكن، وبشكل عام، القوى السياسية في السودان متأثرة بترتيب البيت القبلي.