"إذا كنت زوجة. وتعملين على خلع شريك حياتك لأسباب واهية. فانتبهي وفكري جيداً قبل الدخول إلى أروقة المحكمة والشروع في خلعه، لأن الخلع هو مجرد بداية فقط لسلسلة من القضايا، التي قد لا تأتي في مصلحتك أخيراً". بهذه الجملة بدأ المحامي خالد سامي أبو راشد، حديثه بشأن قضايا الخلع التي يصفها لكثرتها بالظاهرة. يقول أبو راشد على المرأة التي تعزم على خلع زوجها أن تتنبه إلى ما بعد الخلع، فكما يضمن الشرع لها حقها في رفض حياة غير كريمة، فهو يراعي كذلك حقوق أخرى تندرج في سلسلة قضايا عدة، تشمل الحضانة وحق الزيارة والنفقة... وهذا ما تغفل عنه المرأة غالباً حال اتجاهها لخلع زوجها. ويؤكد أبو راشد على مسألة"الإطالة المعقولة"في قضايا الخلع، فليس من المنطق والحكمة أن يفصل القاضي في قضية حساسة مثل هذه في جلسة أو جلستين، كما انه من غير الطبيعي أن تستمر قضية الخلع إلى السنة أو السنتين، فلابد من مراعاة الحكمة في مدة الحكم. ويلفت إلى أن مسألة طول مدة القضية يخرج أحياناً عن إرداة المحكمة لأسباب أخرى، من أبرزها مماطلة الزوج. فيما يتحدث الشيخ الدكتور محمد بن صالح المنجد، عن أصل الخلع الشرعي الذي أقره الدين من فراق الزوجة لزوجها بعوض، فيأخذ الزوج عوضاً ويفارق زوجته، سواء كان هذا العوض هو المهر الذي كان دفعه لها أم أكثر أم أقل كما يتفقا. والأصل فيه قول الله تعالى:"وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ". ودليل ذلك من السنة، أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس - رضي الله عنه - أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكن أكره الكفر في الإسلام. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ وكان قد أصدقها حديقة. قالت: نعم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اقبل الحديقة، وفارقها". ويقول الدكتور المنجد:"من هذه القضية نستنتج أن المرأة إذا لم تستطع البقاء مع زوجها، فإن لولي الأمر أن يطلب منه المخالعة، بل يأمره بذلك. وأما صورته: فيأخذ الزوج العوض أو يتفقان عليه، ثم يقول لها فارقتك أو خالعتك ونحو ذلك من الألفاظ". ويضيف إذا كرهت المرأة أخلاق زوجها، كاتصافه بالشدة والحدة وسرعة التأثر وكثرة الغضب والانتقاد لأدنى فعل، والعتاب على أدنى نقص فلها الخلع، ومثال ذلك إذا كرهت خلقته كعيب أو دمامة أو نقص في حواسه فلها الخلع، أو إذا كان ناقص الدين بترك الصلاة أو التهاون بالجماعة أو غير ذلك من الأسباب الشرعية، فلها طلب الخلع. كما يحق للمرأة الخلع إذا منعها حقها من النفقة أو الكسوة أو الحاجات الضرورية وهو قادر على ذلك، أو إذا لم يعطها حقها من المعاشرة المعتادة بما يعفها، لعُنّة"عيب يمنع القدرة على الوطء"فيه أو زهد فيها أو صدود إلى غيرها، أو لم يعدل في المبيت. ويؤكد الدكتور المنجد على صحة الخلع شرعاً، إذا توافرت الأسباب السابقة، بل يجب على ولي الأمر أن يأمر بخلع الزوجة، وتعويض الزوج بعوض يعتبر أيضاً إنصافاً لحقه.