تتضارب آراء الأكاديميات وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية، حول وضع تلك الجامعات والمستوى الأكاديمي الذي تقدمه، خصوصاً بعد نشر التصنيف الذي حصلت فيه الجامعات السعودية على مراكز متدنية. بعض من التقتهن"الحياة"يرين أن التقويم يعد واقعياً بغض النظر عن مصدره، ويتساءلن عن الدافع وراء غضب بعضهم من واقع جامعاتنا ونحن نرى مخرجاتها التعليمية ضعيفة. في حين ترى أخريات أن الجامعات السعودية تعمل على تطوير ذاتها وأعضاء هيئتها التعليمية، وتعمل كذلك على تطوير مناهجها بما يتوافق والمناهج التي تدرّس في بقية جامعات العالم. وتقول الدكتورة رقية كشغري:"بالفعل نحن غير راضين تماماً عن مستوى التعليم العالي في جامعاتنا السعودية، وهذا ما دفعنا إلى العمل على تطوير هذا التعليم من خلال مشروع آفاق الهادف إلى تطوير التعليم الجامعي، خصوصاً أن هذا التعليم لم يأخذ حقه من التطوير، وبالتالي فإن مخرجاتنا الجامعية ضعيفة". مشيرة إلى أن التصنيف الذي وضع جامعاتنا في مراكز متدنية واقعي، ويعكس الواقع التعليمي لدينا. وسألت كشغري"لماذا غضب بعضهم من التقرير ونحن متأكدون من أنه قريب جداً لواقعنا؟". وتقول:"إذا أردنا أن نصنف أنفسنا ضمن جامعات العالم كافة فهذا المكان هو منزلتنا بكل شفافية وصدقية ووضوح، فلماذا نهرب منه". وتؤكد"أنه من المفترض عدم الهروب من الواقع، بل لا بد لنا من العمل على تطوير هذا التعليم والارتقاء به حتى ننافس جامعات العالم الأخرى. وتستغرب كشغري"من غير المعقول أننا ما زلنا ندرس بلغة السبعينات ومواد السبعينات من دون تحديث تلك المناهج أو تطويرها". وتضيف"لا بد من إعادة النظر وهيكلة مناهجنا التعليمية بما يتناسب مع تطور التعليم في العالم، وكذلك العمل على زيادة مواد التخصص المعطاة للطالب، فالخطط الدراسية في جامعاتنا لا تدرس للطالب إلا القليل من مواد التخصص، وهذا جعل مخرجات التعليم العالي تعاني من نقص المعلومات في تخصصها تحديداً". وتستطرد:"هذه المخرجات كانت نتيجة عدم التركيز على مواد التخصص، وحتى الذين حصلوا على شهادات عليا في تخصصاتها، نجد من بينهم من ليست لديهم المعلومات الحديثة، وما يحصلون عليه هو عبارة عن تراكم لخبرات قليلة قياساً بآخرين يحملون الشهادات نفسها". وتقول:"لدينا مخرجات تعليمية تعطي شهادات ماجستير ودكتوراه من دون اطلاع حقيقي يبلور ما يجمله الشخص من شهادة، وبالتالي كانت النتيجة أنصاف متعلمين وهذا واقع نلمسه في مجتمعنا". وحول المأمول من الجامعات السعودية لتطوير التعليم العالي تقول كشغري:"لا بد من التخطيط من جديد لواقع التعليم الجامعي، خصوصاً في ما يخص المناهج التعليمية، إضافة إلى تطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس في الجامعات". وتضيف:"كما ينبغي إعادة تقويم الكوادر الأكاديمية في الجامعات السعودية، لمعرفة مدى إمكاناتها في تطوير العملية التعليمية، والعمل على تطوير قدراتهم من خلال ورش العمل والدورات التدريبية، وهي خطوة مهمة، خصوصاً ان لدينا فئات من الأكاديميين غير مؤهلين لتدريس الطلبة"، لافتة إلى أن الاهتمام بعضو التدريس وتطويره سيكون له مردود إيجابي على عملية تطوير التعليم الجامعي باعتباره أساساً في هذه العملية. في المقابل، تختلف دكتورة علم الأنسجة عضو هيئة التدريس في كلية العلوم في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة سمر رباح مع كشغري، إذ تؤكد أن الجامعات السعودية عموماً وجامعة الملك عبدالعزيز خصوصاً، تحرص على تطوير مناهجها التعليمية وتحديثها بصفة مستمرة. وتقول:"إن التدريس في كلية العلوم لدنيا يعتمد على اللغة الانكليزية إلى جانب اللغة العربية، ومناهجنا مطابقة للمناهج البريطانية ومناهج الجامعات العالمية، فأنا خريجة جامعة بريطانية ولم أجد اختلافاً في تخصصي بين ما يدرس في جامعة الملك عبدالعزيز وما درسته في بريطانيا". وتضيف:"نحن حريصون في جامعة الملك عبدالعزيز على مطابقة مناهجنا مع مناهج جامعات عالمية". وتقول رباح:"إن إدارة جامعة الملك عبدالعزيز تحرص على تطوير هيكلها الأكاديمي وتطوير أداء أعضائها من خلال إلحاقهم بالدورات التدريبية والتطويرية. كما أن إدارة الجامعة منحتنا الحرية الكاملة في تطوير المادة التي ندرسها، وكذلك الحرية في طرق تدريسنا وتطوير العملية التعليمية بما يتوافق مع آخر التطورات على هذا الصعيد". مؤكدة وجود خمس كليات في جامعة الملك عبدالعزيز حصلت على شهادة الايزو،"فعلى أي أساس تم تقويمنا؟". وتقول:"إذا كان هناك تقويم لجامعاتنا، فلا بد من زيارتها والتأكد من وضعها ومن مناهجها". وتستدرك"مناهجنا حديثة، ومن المحتمل أن يكون هناك تفاوت في أداء أعضاء هيئة التدريس، ولكن الكل يجتهد في إيصال المعلومة بطريقته، وهذه قدرات شخصية تتفاوت من شخص لآخر". وعن مخرجات التعليم الجامعي اليوم، تقول رباح:"نحن نحرص على وجود مخرجات تعليمية توافق حاجة سوق العمل، ومزودة بالخبرات والعديد من المهارات التي تمنحها القدرة على الدخول في سوق العمل بشكل مباشر، فهنالك العديد من الدراسات المتخصصة في هذا المجال". وتتفق معها عضو هيئة التدريس في كلية التربية الدكتورة ميسون الدخيل بقولها:"الذين قيموا أداء الجامعات السعودية قيموها من جانبين، أحدهما موقع الجامعة على شبكة الانترنت والآخر من خلال مشاركات الجامعة في المؤتمرات العالمية والجوائز العالمية في مجال البحث العلمي وغيره، وهذا يعد من الأشياء الحديثة بالنسبة لنا فنحن حديثو العهد بمواقع الجامعات على الانترنت في مواقع الجامعات الأخرى". وتضيف"بالنسبة لتقويم الجامعات من جهات معترف بها فهذا الأمر يخضع لشروط معينة غير الشروط التي بني عليها التقويم الأخير". وتؤكد أن التعليم العالي في السعودية له مخرجات تعليمية أصبحت لها مكانة عالمية، فهو من أخرج الأطباء والمفكرين وغيرهم.