تعتمد العملية التربوية في تحقيق أهدافها اعتماداً كبيراً على المعلم، باعتباره محور العملية التربوية والركيزة الأساسية في النهوض بمستوى التعليم وتحسينه، والعنصر الفعال الذي يتوقف عليه نجاح التربية في بلوغ غاياتها وتحقيق دورها في بناء المجتمع وتطويره، ولكن دور المعلم يفقد اكتماله وتمامه مع ذلك النصاب المرهق 24 حصة الذي يؤثر على عطاء المعلم وينهك قواه في يومه الدراسي بكل ما يحويه من شرح وتدريبات وتصحيح واختبارات وتقويم ورصد للدرجات، وتعامل خاص مع الطلاب ذوي الحاجات الخاصة، من ضعف دراسي وضعف في القدرات العقلية وضعف في التركيز، إلى جانب الحالات النفسية والعصبية، إضافة إلى الأنشطة المصاحبة من منهجية ولا منهجية، من مسابقات وندوات واجتماعات ودورات وريادة فصول ورئاسة للجماعات، وإشراف يومي في الساحات الداخلية والخارجية تحت لهيب الشمس وفي شدة البرد، والمناوبة قبل الدوام وبعده وحصص الانتظار التي لا تكاد تنقطع، إضافة إلى معاناة المعلمين مع أولياء الأمور والمشكلات المستمرة معهم، وضغط الإدارة المدرسية والمشرفين الزائرين، وما يلاقيه المعلم من ضعف في التقدير في المجتمع، ومن الوزارة التي لم تعينه على المستوى المستحق وهو الخامس، بل تعينه على المستوى الثاني، ولم تحسن مستواه ولم توفر له تأميناً طبياً، ثم بعد هذا كله يطالب المعلم بالعطاء المميز والإبداع، فمن أين له ذلك؟. إن المسالة ليست مجرد تبرم من المعلمين لعدم رغبتهم في تحمل أعباء إضافية، وإنما تتعلق بعدم اقتصار مهمة المعلم على إلقاء الدروس في الفصل الدراسي فحسب، وإنما هي عملية ابتكار وإبداع متواصل لخلق أجواء مناسبة وأفكار جديدة، وطرق تحتاج إلى درس أحوال الطلبة وظروفهم الذهنية وقدراتهم على الاستيعاب، فالمعلم يبذل جهده كله في تعليم الطلاب وتربيتهم وتوجيههم، فيدلهم على طريق الخير ويرغبهم فيه ويبين لهم طريق الشر ويذودهم عنه في رعاية متكاملة لنموهم دينياً وعلمياً وخلقياً ونفسياً واجتماعياً وصحياً. إنني الآن لا أخاطب المحبطين في أنفسهم والمحيطين لغيرهم، ولا أخاطب من يسخر من التعليم وأهله، ويتوقع أن عمل المعلم سهل ويسير لمجرد خروجهم من الدوام قبله، كل أولئك لا أخاطبهم، إنني أخاطب ذلك المعلم المتفاني في عمله، الحريص على البذل المميز والإبداع، فادعوه لان يضم صوته إلينا ويضم قلمه إلى قلمنا لنسطر رسالتين إلى: ملك القلوب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله ورعاه، والدنا وقائد مسيرة نهضتنا، فنقول في الأولى: نشهد الله على محبة مليكنا ووطننا ونؤكد ولاءنا وطاعتنا وفداءنا له ولهذا الوطن الغالي ولقادتنا الكرام. أما الثانية: فنأمل منها خفض نصاب المعلمين تماشياً مع قواعد التربية الحديثة المتكاملة، وليكون هذا دافعاً للمعلم للبذل والعطاء والتميز وتطوير النفس والإبداع في التربية وفي التعليم، وفي هذا الخفض إتاحة الفرصة لتوظيف طاقات جديدة من المعلمين حديثي التخرج وممن امضوا سنين في قوائم الانتظار ينتظرون توظيفهم. سعيد العمري - الرياض