هناك معادلة يحتار الفكر في حل رموزها، السعوديون إعلاميون ناجحون في الإعلام الأهلي، في الصحافة، في الفضائيات، يوجد أكثر من إداري ناجح، وأكثر من مخرج ناجح، وأكثر من مذيع ناجح، صحافيون وكتاب ومواهب هنا وهناك. الأشخاص أنفسهم أو بعضهم كانوا يعملون في الإعلام الحكومي، كان هناك انطفاء، ونمطية تقليدية، وانزواء وانطواء. لماذا هذا الاختلاف، كيف تتغير الطبيعة والعقلية لمجرد الانتقال من"ديوان"الحكومة إلى"مؤسسة"أو شركة خاصة؟ أجزم أن السبب الرئيس يكمن في مساحة الحرية التي تتاح للعاملين في الإعلام الأهلي، فالإعلام الحكومي مكبل بلوائح ونظم ووظائف لها مراتب ودرجات، والحذر كل الحذر لمن يتخطى أو يقوم بعمل حتى لو إبداعي، من دون أن يمر هذا العمل وفق تسلسل المسؤولية الإدارية أو الفنية، العمل الإعلامي الحكومي"محكوم"برواتب محددة، وحتى الحوافز محددة ومكافآت السفر والانتدابات تعطى لقلة. من هنا توجد الكثير من الأفكار السلبية مثل"من يعمل مثل الذي لا يعمل"، الذي يعمل يخطئ ويصبح مكروهاً، أما من لا يعمل فهو في مكان أمين، الخروج عن النص مرفوض. تشعر في الإعلام الحكومي أن الكثرة تعمل ب"جمود"ومن دون روح، المهم أن يتم العمل من دون ملاحظات، ومن دون أمور تخرجه عن الصورة أو الخارطة الموضوعة. وكلما كان الإعلام الحكومي"حريصاً"على القوالب الموضوعة، كانت فرصته للرضا عنه أكبر. أما الإعلام"الخاص"ففرص الترقي فيه أكبر ولا تخضع لمعايير ديوان الخدمة المدنية، الإعلامي يلجأ إلى التميز والبروز، لأن من يتميز يحظى ب "الجوائز والترقيات والراتب الأفضل". في الإعلام الخاص، المساحة ضيقة والكل يعرف الكل، الإداري الذي يتولى قيادة محطة فضائية أو مجلة يعلم حدة التنافس ويعرف قيمة التميز، ولذلك يهتم بكل مبتكر ويجازيه خيراً، لأن هذا الإداري يعرف أن نجاحه مرتبط بنجاحات من يعملون معه، وأن نجاح مؤسسته معناه أن يبقى على رأسها، فهو ليس مديراً أو وكيلاً في الحكومة وضعته الأقدمية في مكانه. هنا يتفوق السعودي في الإعلام الأهلي، ويوجد الكثير من الشخصيات، سواء في الفضائيات أو في الصحف أو المجلات. بقي أن نقول هل نجد يوماً رياح التغيير تهب على الإعلام الحكومي؟ وتدخل قواعد"الخصخصة"وفكرها حتى نرى إعلاماً حكومياً مقروءاً، وإعلاماً تلفزيونياً وإذاعياً لا يتجاوزه الناس إلى محطات وإذاعات أخرى أهلية. [email protected]