مستشفى الملك سعود للأمراض المعدية والحميات اسم يؤرق الكثير من الناس لدى سماعهم عنه، بل يتحاشون سماع أية أخبار عنه، لكن إن قدّر لإنسان زيارته لاسيما أنه يختص بعلاج الحالات المصابة بالأمراض المعدية، وفي طليعتها نقص المناعة المكتسبة"الايدز"، فحتماً سيقف أمام سرير أحد النزلاء حائراً ليجد نفسه أمام أسئلة أجوبتها قاتلة، فما الذي أتى بهذا الطفل 9 سنوات إلى هنا؟ وأي ذنب أو جرم أرتكبه؟ لكن الجواب المحزن أن الطفل م ه ذنبه أنه كان ضحية لنزوة لم تتجاوز دقائق معدودة."الداخل مفقود والخارج مولود"عبارة ارتبطت في ذهن الكثير تجاه كل من يدخل المستشفى بسبب هذا المرض الفتاك الذي غالباً ما يقود إلى الهلاك. مستشفى الملك سعود الذي كان يوماً محل أنظار المسؤولين عن الصحة في منطقة مكةالمكرمة، لما كان يرد إليها من شكاوى تتركز في غالبيتها على سوء الإدارة، وتعرض العاملين إلى الإصابة بالأمراض المعدية، نتيجة نقص في المواد العازلة، والآن وبعد تعيين طبيبة سعودية كأول سيدة على مستوى المملكة تدير قطاعاً طبياً يختص في معالجة الأمراض الوبائية والمعدية تم إيجاد حل لمشكلات المستشفى بعد أن ظل لسنوات طويلة محل أخذ ورد، بسبب ما يعتريه من مشكلات فنية وإدارية وطبية، ما يعكس بطبيعة الحال مستوى الخدمة الطبية والتمريضية على حال المرضى الذين يخضعون للعلاج في المستشفى،"الحياة"التقت مديرة مستشفى الملك سعود لأمراض الحميات والأمراض المعدية الدكتورة سناء فلمبان فكان الحوار الآتي: بداية حدثيني كيف وصلت إلى هذا المنصب؟ ومن كان له الدور في القرار مؤهلاتك أم الواسطة؟ - بدأت العمل في برنامج في مكافحة"الايدز"لمدة أربع سنوات قبل أن أرشح من الشؤون الصحية، وتحديداً من جانب الدكتور ياسر الغامدي والدكتور عبداللطيف إدريس بعد أن تخرجت في جامعة الملك عبدالعزيز وعملت طبيبة باطنية. هل مازلتم تتعاملون بضبابية في الإعلان عن عدد المصابين بالأمراض الوبائية ولاسيما"الايدز"؟ - بكل أمانة السعودية تتعامل الآن في الإعلان عن حالات"الايدز"بكل شفافية، إن العدد التراكمي للحالات المكتشفة في السعودية منذ بداية تسجيل الحالات عام 1984، إلى نهاية عام 2004، بلغ 8919 حالة. وكان عدد المصابين عام 2002، 721 حالة منها 204 سعوديون و517 من غير السعوديين، فيما بلغ عدد المصابين عام 2003، 1025 حالة منها 238 حالة سعودية و787 حالة من غير السعوديين، فيما بلغ عدد المصابين في السعودية عام 2004، 1111 حالة منها 262 من السعوديين والبقية من غير السعوديين. شاركتم في الحملات الأمنية لدهم أوكار المتخلفين كيف كانت النتائج؟ - أعتقد أن الجهود المبذولة في الحملات الأمنية على أوكار المتخلفين في الأحياء العشوائية أسفرت عن الكشف عن إصابة نحو ستة في المئة من إجمالي الذين قبض عليهم. وهذه الإحصائيات كانت ميدانية، إذ شارك فريق طبي رجال الأمن في عملية الدهم لإجراء الفحوصات المخبرية، والتأكد من حال المضبوطين الصحية، وأظهرت الفحوصات الطبية لهم إصابة الكثير منهم بفيروس"الإيدز". وعلى رغم ما تعرضنا له كفريق طبي من متاعب نتيجة رفض الكثير من المخالفين لأنظمة الإقامة في البلاد إجراء الفحص الطبي لهم، إضافة إلى امتداد العمل إلى ساعات طويلة، إلا أننا نشعر برضى كبير في الكشف عن هذا الكم من الحالات المصابة بفيروس"الايدز". ألا ترون ضرورة في تكثيف الوعي وإطلاق حملات إعلامية لدرء انتشار الأمراض الوبائية؟ - الحملات التي ننفذها من داخل المستشفى للتعريف بالأمراض الوبائية والمعدية في وسائل الإعلام، ما هي إلا جهود شخصية نسعى من خلالها إلى اقتناص الفرص لتغذية المجتمع بالإرشادات والنصائح التي يمكن أن تساعد في الحد من انتشار المرض، والتعامل أيضاً مع مرضى"الايدز"، علماً أنه توجد حملة سنوية على مستوى المدن السعودية تنظمها وزارة الصحة عادة تزامناً مع"اليوم العالمي للإيدز". ولم تتوقف جهود غالبية العاملين في المستشفى عند هذا الحد، بل تجاوزت ذلك إلى توزيع"النشرات التعريفية"في المطارات السعودية وخصوصاً الدولية منها. ومن هذا المنطلق أوجه رسالة إنسانية صادقة للمرضى غير المعلنين للاستفادة من الخدمات العلاجية التي وفرتها وزارة الصحة بشكل عام، وفي محافظة جدة بشكل خاص من خلال مستشفى الملك سعود للحميات والمركز المتخصص لعلاج مرضى الايدز للاستفادة من العلاج والدواء الذي وفرته الدولة مجاناً للمرضى. كما أناشد الحالات التي لديها شك بأنها قد تعرضت للمرض أو أنها مصابة بالفيروس ألا يترددوا في طلب العلاج. هل الموازنة السنوية للمستشفى كافية، وهل تتوقعون زيادة في الدعم المالي؟ - نحن بحاجة ماسة في المرحلة المقبلة إلى التكافل الاجتماعي بين القطاعات الحكومية والخاصة كافة للاسهام في التثقيف الصحي، وخصوصاً في وسائل الإعلام التي أناشدها تقديم الدعم الإعلامي، سواء الكتاب الصحافيين أو معدي البرامج التلفزيونية والإذاعية لنقل صور من المآسي التي يتعرض له المصابون وذووهم، الأمر الذي أعتقد أنه سيسهم كثيراً في زيادة الوعي الصحي، وخصوصاً بين فئة الشبان الذين لا يبالون بعواقب الأمور.