غيبه الموت وما غيبته الحياة... باق في قلوبنا، نحن أبناء شعبه المؤمن بالله ? عز وجل ? والمحافظ على دينه ومبادئه العريقة، والسائر على دروب الإنسانية التي وطد الراحل الكبير دعائمها في مملكتنا المباركة. خالد في ضمائر المسلمين، في بلاد الله الواسعة، وفي أمة العرب جمعاء التي طالما أعطاها ما استطاع العطاء سبيلاً، وأراد لأبنائها دوام العزة والكرامة، وقرب ما بين شعوبها وأمصارها من دون استثناء. في صباح ذلك اليوم الشاحب، نفرت الدموع من قلب كل عربي مخلص قبل أن تتساقط مدراراً من العينين... فراق رهيب، حزن صامت، حسرات وألم يتفجر في نفوس الكبار والصغار... لقد رحل من نحب.. رحل ملك الإنسانية، قاهر الظلم، وقاتل الفقر بيديه الاثنتين... رحل الإنسان الكبير رجل الحسم والقرار. في يوم من الأيام رحل ملكنا، الراحل إلى جنان الخلد بمشيئة الله، لقب جلالة الملك. واختار لنفسه لقباً أحبه، له معناه وله مغزاه: خادم الحرمين الشريفين. وهل أجمل في هذه الحياة الفانية من أن يخدم الإنسان ربه ورسوله محمداً، صلى الله عليه وسلم؟ كان الملك المعظم آثر أن يكون خادم الله ورسوله الكريم، كلما امتدت يده لبناء الإنسان، وكلما فتح كفيه لعمل الخير ألف مرة في اليوم، فلا يتحرك إلا بأمر الله عز وجل، ألف مرة في اليوم، من أجل هذا الشعب الذي أحبه وما أدخر جهداً في سبيل إعزازه والحفاظ على كرامة كل فرد من أفراده. رحل ملكنا المعظم، خادم الحرمين الشريفين، وقلبه علينا وعيناه على الأمة جمعاء. برحيله أغمضت السعودية عينيها، وغرقت في بحر الدموع، وتوشحت بالسواد، معلنة الحداد، معبرة عن فجيعتها وألمها العميق. لقد فقدنا يا فهدنا، يا ملكنا الغالي، لكننا نعاهدك على الوفاء والإخلاص وسنظل سائرين على خطاك المباركة، وسنسلك دائماً نهجك الخير، وسنظل سائرين في السبل القويمة التي سيرتنا عليها. ذكراك محفورة في قلوبنا وفي ضمير السعودية التي عززتها بحكمتك وثباتك على عهود الشرف والشهامة. ولن تغيب أبداً عن مملكتك التي أحببتها وأحبتك. ستظل بصماتك على مرافقها جميعاً، وصورتك مرفرفة في سمائها، حارسة أرضها، وستظل قبلتها الشريفة وصلواتك السامية فيها تشهد كل يوم على مبراتك وعطائك الكبير، وستظل السعودية بأسرها، وقد سقيتها بعون الله من حنان، وجدت عليها بخيراتك، وتضحياتك التي لا حدود لها، تذكر بالمحبة والاحترام والتقدير كل ما صنعت من أجلها. قلوب وأفواه وعيون تختلف في لغتها فتتوحد بالدعاء والابتهال والصلوات هاتفة بصوت واحد: اغفر له يا الله، وثبته عند السؤال، واجعل رحابك جنته. رحمتك واسعة يا الله فأمطرها على فقيدنا الغالي، وتقبل روحه الطاهرة بين يديك الكريمتين. * كاتبة سعودية.