بدأت رحلة معاناتها منذ ما يقرب الشهرين , زغللة في العين شخصها كبار الأطباء في الرياض على أنها درن غير رئوي يصيب العين , ازدادت حالتها سوءاً بفقدانها للتوازن بعد أخذها للعلاج, فأدخلت على أثرها مستشفي الملك فيصل التخصصي بجدة الذي شخص الحالة على أنه ورم في المخ من فصيلة اللمفاوي يستوجب العلاج الفوري ويصعب نقلها إلى أي مستشفى آخر , تلقت جرعتين كيماويتين واختفى تماما ذلك المرض , زارها أشهر الأطباء من الولاياتالمتحدةالأمريكية وألمانيا وطمأنونا على طريقة العلاج المتبعة , إلا أن تلك البكتريا اللعينة والتي اتخذت من المستشفى موطناً لها لم تمهلها, فضربت الرئتين وهاجمت باقي الأجهزة مما استدعى نقلها إلى العناية المركزة , لم تمكث طويلاً عشرة أيام في غيبوبة كاملة واستشهدت بعدها وكان ذلك في الساعة التاسعة مساء يوم الخميس 6/2/ 1431 ه الموافق 21 /1/ 2010 م عن عمر يناهز ال 49 خريفا , رحلت سوزان تاركة خلفها والدها الشيخ الجليل محمد بترجي ووالدتها الدكتورة الفاضلة سميرة جمجوم وزوجها خالد نصيف وأولادها عمر وعلا وعالية وسميرة الطفلة الصغيرة, شقيقتي وحبيبتي وتوأم روحي البروفسورة العالمة الدكتورة سوزان محمد بترجي أستاذ الكيمياء العضوية في جامعة الملك عبد العزيز والتي تقلدت مناصب عدة ورفضت أكثر مما قبلت, مديرة لمصنع سعودي للأدوية والمستحضرات الطبية , سوزان, الحيوية, والنشاط , والذكاء, والبديهية, الشخصية الجادة القوية المرأة الحديدية والتي كان يحلو لنا تسميتها بذلك ضعفت أمام الموت واستسلمت له رغم توسلات والديها وأشقائها وزوجها وأولادها وذويها , استشهدت سوزان ولا نزكيها على الله ولكن نحسبها كذلك فالمبطون شهيد لتنعم بجنات الخلود ولم ترحم ضعف والديها ومحبيها ليتجرعوا مرارة الفراق ونار الحرمان منها , سوزان الإنسانة والتي كانت حاضرة مع الجميع تواسي المكلومين وتضيف سعادة إلى الفرحين أحبت الجميع فأحبوها , دعا لها والداها وزوجها وأشقاؤها وأولادها , أقرباء لها وصديقات , علماء ومشايخ دعوا لها جميعا بقلوب صافية وألحوا على الله بطلب نجاتها وأقسموا عليه بأنه تعالى كما قال للنار أن تكون بردا وسلاما على إبراهيم وغير من خاصيتها أن يشفيها حيث أن أمره بين الكاف والنون ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) وتضرعوا إلى الله عز وجل في قيامهم و قعودهم ونومهم وصلواتهم وصيامهم , لم ييأسوا ولم يكلوا مؤمنين معتقدين بما قاله تعالى في كتابه " أدعوني أستجب لكم " وقال المصطفى عليه الصلاة والسلام ( رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره ) وأن الصدقة تطفئ غضب الرب وأنها ترد القضاء أن زمزم لما شربت له, ولكن المولى عز وجل لم يستجب لحكمة هو يريدها ونزل القدر وأستوفى الأجل وحلت المصيبة وكان البلاء شديدا ليرى الله هل نصبر أم نعجز , نشكر أم نكفر , أنه لإمتحان عظيم لا يجتازه إلا المؤمنون , صبرنا يا الله وأحتسبنا ورضينا بما قسمته لنا ولا نقول إلا كما قال سيدنا رسول الله " أن العين لتدمع وأن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا سوزان لمحزونون " رحلت سوزان الحب والحنان نسمة كما كانت , فاللهم ثبتها عند السؤال وعند الحساب وثبتها على دينك وعلى الإيمان وحاسبها حسابا يسيرا اللهم أثقل ميزانها بالأعمال الصالحة وباعد بينها وبين خطاياها كما باعدت بين المشرق والمغرب , اللهم ضاعف حسناتها وتجاوز عن سيئاتها ,اللهم أرحمها وأغفر لها وأحسن إليها وكن أنيسها وونيسها وأعنها على ظلمة القبر ووحشته , واجعله روضة من رياض الجنة ونجها من عذاب القبر , اللهم أسكنها الفردوس الأعلى وأحشرها مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا واجمعنا بها في مستقر رحمتك , اللهم هون على والديها وذويها فراقها وهون عليها فراقنا وحسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون. فاكس 6602228 02