أثناء وقوف سيارته في إشارة ضوئية في أحد شوارع الرياض، شعر سعد عبد الرحمن -38 سنة- بالعطش، فاشترى من أحد الباعة الجائلين علبة مياه تحمل اسم شركة معروفة، وما أن شرع في الشرب منها حتى لاحظ أن مذاقها غريب، فضلا عن أنها مخلوطة بالشوائب. ويتساءل عبد الرحمن: ما ذنبي أنا وغيري ممن وقعوا ضحايا لهذا الغش التجاري لمجرد أنهم يتعاطفون مع هؤلاء الباعة الجائلين في كسب قوتهم اليومي؟. ويضيف أن هذا الغش يمارسه شباب ونساء عند إشارات المرور في أماكن عدة خصوصاً في فصل الصيف، حيث يعيدون تعبئة علب المياه الصحية، ثم يبيعونها للزبون على أنها قوارير أصلية، ولاينتبه معظم الناس إلى ذلك، لاعتقادهم أن هذه المياه تعبأ أصلا في مصانع الشركات المشهورة بشكل نظامي. غش متقن ويضيف عبد الرحمن انه اتضح له أن هذه العلب، تغلق من أسفلها بالغراء كما توجد في كل علبة عقدتان، بينما العلب الأصلية بطبيعة الحال لا تحتوي سوى على عقدة واحدة وهذا ما يجب أن يتنبه له الجميع. أما علي المطيري فيتحدث عن خطر العلب صحياً على شاربيها لكونها مغشوشة فهي ملوثة ومعبأة بطريقة بدائية وغير صحية إطلاقا، والله العالم من أين يأتون بهذه المياه طالما أن ضميرهم سمح لهم أصلا بغش الناس فلا نستغرب منهم أي شيء آخر. العمالة السائبة ويلاحظ المطيري أن العمالة "السائبة" هي التي تقدم على هذه الجريمة في الغالب، والدليل تواجدهم المستمر عند الإشارات الضوئية في كل مكان لبيع المياه التي يفترض أن تكون صحية، كما أن أغلب ما يباع في الإشارات المرورية من نوع القوارير نفسه مما يدل على أن ثمة عصابة تقف وراء الأمر. ويشير "المطيري" إلى أن الوضع يستدعي تنبه الجهات المسؤولة كوزارة البلديات ووزارة المياه فهي تعنى بملاحظة تلوث المياه وتسويقها بطريقة غير نظامية لما في المسألة من مخاطرة بصحة الناس. كما يطالب المطيري أمانة مدينة الرياض وصحة البيئة بخاصة أن تبادر إلى منع هؤلاء الباعة ووقف جريمتهم وعدم السماح لهم بالبيع. ويحمل المواطنين مسؤولية تنامي هذه الظاهرة لما يجده أولئك الباعة من تعاطف معهم من جانب أولئك الذين لا يعلمون أنهم بذلك يكرسون ممارسات خاطئة تفرز مثل هذا النوع من الجرائم . رقابة البلدية بينما يرى عبد السلام المشروخي، وهو من مواطني الرياض، أن المسؤولية عن هذا الموضوع تقع على عاتق الرقابة البلدية التي من المفترض أنها تتابع هذا الأمر، فضلاً عن أن هذه الممارسة هي من الأساس تشويه للمنظر الحضاري للبلد، فما بالك إن كانت المياه مغشوشة أيضاً؟. ويضيف المشروخي أن أصدقائه وجدوا في بعض هذه العلب شوائب وبقايا حشرات صغيرة ترى بالعين المجردة، سواء كانت هذه القوارير كبيرة أو صغيرة، محذراً من التعامل مع مرتكبي ذلك العمل اللا أخلاقي. من جهة أخرى، أكد مسؤول في أحد مصانع المياه التي تتعرض علامتها التجارية للغش من بعض الباعة الجائلين، موضحاً أن العلب السليمة للمياه الصحية تحتوي على عقدة واحدة في أسفلها من أثر المكبس، وأما العقدة الثنائية فهي من فعل العصابات التي تمتهن بيع العلب المغشوشة.