(الميه تروي العطشان).. في كل مكان إلا في بعض أحياء وشوارع عاصمتنا الحبيبة، والسبب هو أولئك الباعة المجهولون المنتشرون بكثرة هذه الأيام عند إشارات المرور.. حاملين معهم أكياسا وصناديق وضعت فيها عشرات العلب من المياه التي لا يعرف مصدرها وأين عُبئت.. وفي ظل ارتفاع حرارة الطقس والزحام الكبير الذي تشهده الرياض هذه الأيام قبل قدوم إجازة الصيف ينشط أولئك عارضين بضاعتهم (الفاسدة) من أجل الكسب (الذي يرونه حلالا) حتى لو كان على حساب صحة الزبائن المغلوب على أمرهم. عند إحدى الإشارات توقف علي العنزي وصديقه في انتظار الضوء الأخضر ليتمكنا من العبور والوصول إلى مقر عملهما.. فاجأهما شاب يطرق النافذة ويعرض قوارير الماء، أحبا التعبير عن الامتنان له لاختيارهما عن بقية المركبات، فتحا النافذة وأعطياه ريالين ثمنا لقاروتي الماء وودعاه بابتسامه.. الجو الحار والعطش لم يترك لهما فرصة لتقليب العلبة والنظر حتى لمصدرها، فتحاها وأخذا يشربان.. أحسا بطعم غريب.. ورائحة كريهة مصدرها تلك القارورة.. قلباها فهالهما أنهما منتهية الصالحة ولا تصلح للاستخدام.. وليثأرا لنفسيهما طلبا الشرطة فكان الرد ان لا علاقة لنا بذلك.. فما كان منهما إلا ان توجها إلى أقرب مستشفى وعرضا نفسيهما على الطبيب وفي يد كل منهما الداء، وينتظران ان يقدم لهما الدواء.. “شمس” من جهتها وقفت على الحالة ورصدت تحركات من يقومون بالبيع عن الإشارات، واتضح انهم يستغلون الطقس الحار لبيع قوارير المياه حيث بدؤوا ينتشرون بشكل أكبر، ويعزو عبدالله العتيبي (موظف حكومي) ذلك إلى غياب الرقابة وعدم متابعة البلدية لهم خصوصا في اوقات الظهيرة، ويضيف: “هؤلاء الباعة يشكلون خطرا على حياة الناس بعرضهم تلك البضاعة الفاسدة، ويجب ان يصدر قرار بوقفهم عن ممارسة هذه الأعمال، أضف إلى ذلك انهم يشكلون مظهرا غير حضاري ويزعج البعض منهم العوائل بطلب الشراء منهم وإلحاحهم على ذلك”. بينما يرى عبدالعزيز محمد السعدون (طالب جامعي) ان الباعة الجائلين في كل مكان وهم يستغلون الأوقات بشكل جيد.. ويعتبر “وقت الظهيرة من الأوقات الذهبية بالنسبة لهم، فالناس خارجون من أعمالهم وهم في حاجة لشرب الماء لإرواء عطشهم.. لكن ليتهم يتنبهون لمصدر تلك المياه وصلاحيتها وملاءمتها لهم.. فحياة الإنسان وصحته ليستا عبثا”. أما محمد (بائع مياه) فقد بدا مرتبكا عندما تحدثنا معه، فذكر ان هذا مصدر دخله الوحيد ويربح من خلاله قليلا من المال بالكاد يكفيه، وأضاف متلعثما: “ماذا تريدون مني.. انا ابيع فقط وان لكم رغبة في الشراء حياكم.. وان كان غير ذلك فدعوني اطلب رزقي”.. وفر هاربا.