تعال نلعب، نلعب بلا قواعد، بلا ضوابط، مع أنك منذ تعلمت لغتك العربية، محتاج أنت إلى ضوابط تحدد لك ملامح الطريق التي ستسير عليها، أو تزحف. وطالما أنك سائر بلا خطوات محددة، توقف، العب. اللعبة الأولى: سأطرح عليك أحجية. لا تقلق، لن تفكر كثيراً، لن تستعمل عقلك الذي صدأ، سنعيد تشغيل هذه الآلة لك من دون جهد منك، أو تعب. قليلاً قليلاً، ستفكر، وستحصل على نتيجة لتفكيرك. نتيجة! ما أجمل أن يثمر تفكيرك نتائج! المسألة في منتهى البساطة، والكلمات جسر. ألا تريد أن تعبر؟ هل ستراوح مكانك؟ لا أحسبك ستفعل، لأنك ستضيق ذرعاً بالمشهد المحيط بمن حولك، حتى وإن حمل الأجمل والأبهى من الوجود والمناظر الطبيعية والحركات الرائعة ستضيق ذرعاً. لا أكتمك أننا نحمل في دواخلنا مضادات للسعادة، وليس في مقدورنا أن نحتمل الفرح أكثر من ثوان، ولا نستطيع أيضاً مواجهة الجمال إلا بالمقدار نفسه. وهذه المفارقة الأولى والأخيرة، وهنا الأحجية الأولى. هل ستفاجأ إذا قلت لك إننا خلقنا لنحتمل الألم، وإن بلغ حدود الفجيعة؟ نحتمله برهة، يوماً، وأحياناً سنوات، فليس هناك من شيء إلا وخلقنا قادرين على تحمله. لكن حين يطرق الفرح أبوابنا، نرى فيه متسولاً نحسن إليه، أو نطرده متأففين متذمرين. ليس في الأمر مبالغة. تعال نستعرض مشاهد تمر كل يوم في حياتي وحياتك، في حياة تلك المرأة العابرة، أو ذاك الرجل الذي يتمنى الآن التقاط ورقة سقطت منه، أو فرحة، أو قطعة عمر. وهذه الأحجية الثانية. أرأيت، بدأت تفكر من دون تعب، من دون جهد، وبدأ تفكيرك يورق ويزهر ويثمر. هل قلت ذلك؟ هل عنيت أن للتفكير فصولاً أربعة؟ هيا أجبني! هيا فكر! لا، لم أعن. هل تكلمت عن التوريق والإزهار والإثمار؟ أين البذار؟ أين التربة؟ أين الماء؟ أين الحصاد؟ وهذه كانت الأحجية الثالثة. أحاجي. ماذا وراءنا؟ وماذا أمامنا؟ تعال نكمل اللعب، نحن لا نلعب، هل ستذكر آخر مرة لعبت فيها؟ ستجيب: نعم كنت طفلاً. الطفولة هي الجدية الوحيدة التي عشتها. تذكر كم مرة أنّبك أبوك، وكم مرة أنّبتك أمك، وكم مرة صفعك معلمك، وكم مرة هددك الأقرباء. كل هذا العنف، أما كفاك؟ ظننت أنك ستكبر وتتحرر كي تلعب، وما كنت سوى الألعوبة. وهذا كان حل الأحجية الرابعة. هل أدركت الآن أنك ألعوبة، ولكن في يد من؟ وهذه الأحجية الأخيرة. خلف الزاوية أرسل مكتوباً يشعرني أنك ما زلت تحاورني. اكتب، أو لا تكتب أبداً، أرجوك برقمك طمئني. [email protected]