معظم الأنظمة واللوائح تمس حياة الأفراد في المجتمع فلا غنى عن تعلمها والاستفادة منها، لأننا نعلم بيقين أن هذه الأنظمة ما صدرت ولا وضعت إلا لحماية مصالح الأفراد، وفي ذلك حماية مصالح المجتمع ككل، إن ما يجب التنويه إليه هو أهمية هذه الأنظمة وكيفية الاستفادة منها، ولا يمكن الاستفادة من هذه الأنظمة إلا بتثقيف المجتمع بأهمية هذه الأنظمة والقدرة على الرجوع إليها. فمن الأنظمة التي لها تعلق كبير بحياة الأفراد اليومية على سبيل المثال وما تم إصدارها قبل فترة وجيزة هي كالآتي: نظام المحاماة، ونظام الإجراءات الجزائية، ونظام ديوان المظالم، ونظام المرافعات الشرعية وغيرها كثير. وكل تلك الأنظمة تمت كتابتها وصياغتها بطريقة ملائمة لكي تكون نوعاً ما سلسلة للعامة وبذلك يسهل عليهم الرجوع إليها ومعرفة ما لهم من حقوق وما عليهم من التزامات، وما كل تلك الأنظمة وإصدارها وسهولة صياغة كثير منها إلا لمساعدة العامة على حفظ حقوقهم، وما انعقاد ندوة القضاء والأنظمة العدليه برئاسة الأمير عبد الله بن عبد العزيز وحضور الأمير سلطان بن عبد العزيز إلا دلالة واضحة على أهمية تلك الأنظمة ومدى استقلال القضاء في السعودية، وإن كل تلك العوامل تدفع الفرد لتثقيف نفسه قانونياً بمعرفة تلك الأنظمة التي سوف يكون لها بعون الله تعالى أوضح الأثر في حماية الحقوق ومعرفة الواجبات وبذلك يكون هناك مجتمع واعٍ مثقف قانونياً. أصبحت الأنظمة واللوائح والقواعد القانونية بعد توغل كثير من المؤسسات الحكومية والمراكز القانونية في شبكة الانترنت أصبحت متاحة للجميع، وصار الرجوع إليها سهلاً ميسراً ولا يستغرق من الباحث إلا فترة لا تكاد تذكر، وبذلك لا تكون هناك حجة لأي شخص بعدم العلم بتلك الأنظمة ولا تطبيق عليه. وتلك القاعدة وهي عدم الجهل بالنظام، قاعدة عريقة ومعمول بها في جميع الأنظمة ولا يجوز الاحتجاج بالجهل بالنظام، ولكن القصد هو أن تؤخذ هذه الأنظمة ومعرفتها كثقافة ومعرفة أكثر من أن تكون التزاماً وواجباً نظامياً. وكلنا يعلم الآن أن معظم الوزارات والمؤسسات الحكومية تقوم بنشر أنظمتها على شبكة الانترنت، ولم يعد طابع السرية في الأنظمة معمولاً به كما في السابق، ولا يدل ذلك إلا على التماس هؤلاء المسؤولين أهمية تلك الأنظمة والقوانين ومدى ضرورة تيسير الرجوع إليها من العامة، فكل وزارة تقوم بنشر أنظمتها المتعلقة مباشرة بالأفراد في موقعها على شبكة الانترنت. وكل تلك المميزات والتسهيلات إنما تيسر على المهتمين بتلك الأنظمة ولا أقصد بالمهتمين هنا القانونين فقط بل العامة الذين لهم مصالح بمعرفة تلك الأنظمة الرجوع إليها بيسر وسهولة، وبذلك يصبح هناك مجتمع مثقف قانونياً عارفاً لحقوقه وكيفية أخذها وواجباته وكيفية الالتزام بها. إن الإنسان يطمح للأفضل واليسر والسهولة في الرجوع إلى الأنظمة والقوانين أكثر وأيسر من تلك الطرق التي تعرضنا لها، لذلك يمكن أن تكون هناك جهة حكومية مجانية كهيئة الخبراء في مجلس الوزراء تضع جميع الأنظمة في شبكة الانترنت وذلك لتوحيد جهة الرجوع وبذلك يتسنى لنا السهولة والقدرة في الرجوع إلى تلك القوانين. وبالنقيض فعدم تعلم القانون يؤدي إلى أن يكون هناك مشكلات عدة في جميع المجالات سواء التجارية منها أو المدنية أو الجنائية، وقد يقول قائل أنه يمكن الاستعانة بذوي التخصص في القانون كل في مجاله سواء المدني في المسائل المدنية أو التجاري في المسائل التجارية، وهكذا. وأستطيع الرد على ذلك في نقطتين: 1- أن وصول الفرد كجزء من المجتمع إلى الاستعانة بمحام أو من ينوب عنه من ذوي التخصص للاستفادة من خبراته ومؤهلاته يعد في ذاته جزءاً من الثقافة القانونية التي يراد الوصول إليها. 2- أن هناك بعض المسائل التي قد يتعرض لها الفرد يومياً سواء من إجراءات التوقيف أو المساءلة من أجهزة الضبط الجنائي، التي لا بد للإنسان من معرفة حقوقه تجاهها قانونياً لكي لا يتعرض لتعسف تلك الجهات، وهذا حق كفله النظام للفرد، فلماذا التقاعس عنه؟ وأيضاً هناك بعض المسائل التي تتصف بالحساسية كبعض المسائل التجارية التي يجدر بالفرد والتاجر. خصوصاً تعلم حقه قانونياً لتفادي المشاكل التي قد تحدث بسبب عدم العلم ببعض المبادئ القانونية. إن مجالات التعلم والتثقف القانوني في وقتنا الحاضر سهلة وميسرة ولم تكن ميسرة في السنوات القليلة الماضية، لذا فإنه يجدر بنا كمتخصصين في هذا المجال وضع النقاط على الحروف، لإكمال مسيرة تثقيف المجتمع قانونياً، ولا ننسى هنا أن العبء الأكبر هو على الفرد ومدى إحساسه بالمسؤولية في تعلم هذه الأمور وتعليمها أو نقلها للمجتمع كل على حسب قدراته. * مستشار قانوني بمعهد الإدارة