أمسك عشرات من السجناء في السعودية بريشة الرسم للمرة الأولى في حياتهم للمشاركة في مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة، من خلال عبارات كتبوها، كل حسب قدراته العلمية على لوحات تشكيلية. وكان ذلك في معرض أنشأته المديرية العامة للسجون المشاركة للمرة الأولى بجناح مستقل في قرية الجنادرية، كما عرضت فيه أشغالهم اليدوية الفخارية ليعودوا بذلك إلى منازلهم وعائلاتهم وإلى منازل آلاف السعوديين ويزينوا تلك المنازل بهذه الإبداعات. ولم يخرج السجناء من زنازينهم ليشاركوا الناس فرحهم في المهرجان، بل عبروا عما يفكرون فيه من خلال لوحات تشكيلية فنية زيتية وخزفية توحي خيوطها بمشاعر الندم على ما ارتكبوه من إساءة لأنفسهم ولأهليهم دفعت بهم خلف أسوار السجون. وطغت الألوان الفاتحة على هذه اللوحات، خصوصاً ذلك اللون الأزرق الذي فسر بالصفاء والنقاء ونظرة ملؤها العزيمة على حياة سعيدة بعد انتهاء فترة محكومياتهم. وتأمل زوار القرية التراثية هذه المعروضات واشتروا بعضاً منها، وأبدى عدد منهم إعجابهم بهذه الأعمال، وكانت اللوحة الأجمل تلك التي عرضت في جانب الجناح، والتي رسمتها نزيلة في أحد سجون السعودية وتعبر عن أناس جلسوا بجانب سيارة جيب في صحراء وبقربهم غدير, وتأثر الزوار بملابس للأطفال حاكتها نزيلات السجون، فيقف عندها الزائر وكأنه يقرأ من خلالها قصة اشتياق أم لأبنائها. ونجح جناح المديرية العامة للسجون المشارك في المهرجان الوطني للتراث والثقافة للمرة الأولى في استقطاب عدد كبير من رجال الأعمال لتوظيف نزلاء ونزيلات السجون في السعودية بعد أن تم تدريبهم في مصانع داخل السجون لتعلم بعض المهن الحرفية. وعمدت إدارة السجون إلى بيع هذه المنتجات في المهرجان ليعود ريعها إلى السجن الذي قام بعمل هذه المنتجات لشراء بعض الخامات والآلات التي تحتاجها كل مهنة لتدريب نزلاء آخرين. وأكد مصدر أمني في الإدارة العامة للسجون ل"الحياة"، أن وزارة الداخلية قررت منح مبالغ مالية للنزلاء الذين يتدربون على مهن مختلفة لا تقل عن 300 ريال شهرياً وذكر أن الهدف من ذلك هو إيجاد أعمال مناسبة لتخصصاتهم في المصانع المقامة داخل السجون بمبالغ لا تقل عن 600 ريال شهرياً للسجين. وكشف المصدر أن مديرية السجون ممثلة في اللواء الدكتور علي الحارثي قررت منح المواقع مجاناً، إضافة إلى الخدمات الأخرى من كهرباء وماء وتلفون لرجال الأعمال الذين يريدون توظيف هذه الفئة ليسهموا في إعادة هؤلاء السجناء أعضاء صالحين ونافعين في المجتمع وأضاف المصدر أن هناك عدداً كبيراً من المصانع في السجون منها مصانع للبلك، ولتعبئة التمور، والموبيليا، والحديد والجلفنة، والجلديات. وأضاف أن ادارة السجون تتعاون في شكل مستمر مع المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني من خلال تدريب السجناء داخل السجون في اقامة دورات في الحاسب الآلي وصيانته، ومطابع الأوفست، والنجارة، والخياطة والحدادة واللحام والسمكرة والدهان والميكانيكا وكهرباء السيارات، والتمديدات الصحية والإنشائية، إضافة إلى دورات في الكهرباء ويحصل على النزيل على شهادة معتمدة من المؤسسة العامة من دون الإشارة إلى أنه كان نزيلاً في السجن مثلها مثل الشهادات للمراحل الدراسية كافة الموجودة في السجون، كي لا تكون عائقاً دون توظيفهم مستقبلاً في الشركات والجهات.