القمة الإسلامية المباركة في رحاب البيت العتيق مفخرة بلا شك لكل سعودي، فخادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو من اقترحها ودعا إليها، ونجح قائدنا في جمع قادة العالم الاسلامي وشعوبه حول دعوته الكريمة. وهنا نستبشر ببداية عصر جديد، يفضح كل الأباطيل، ويدحض ما نسب إلى الإسلام من دعاوى وشبهات باطلة، ويجدد الأسس الصحيحة لمبادئ الإسلام وشريعة القرآن، التي انطلق بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل ألف وأربعمئة وستة وعشرين عاماً. إن الإسلام دين سلام ورحمة، ولذلك خاطب الله - عز وجل - رسوله قائلاً:"ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك"، فديننا ليس دين عنف ولا إرهاب ولا تفجير، وإنما هو مدرسة لكل مناهج الحياة في كل زمان ومكان. وأدرك قادة العالم الإسلامي أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز لا يحمل هموم الشعب السعودي وحده ولا هموم العالم العربي فقط، وإنما يحمل هموم المسلمين في كل بقاع الأرض على اختلاف لغاتهم ومذاهبهم وألوانهم، ولهذا لبوا دعوته لحضور هذه القمة في رحاب مكةالمكرمة وكانوا على قدر المسؤولية. إن هناك من يحاول تشويه الإسلام، من خلال هجمة شرسة من اعداء الإسلام، ومن يدّعون أنهم مسلمون، بينما هم في الحقيقة اشد أعداء الإسلام، إذ يحاولون تفريق كلمة المسلمين، وإلحاق الضرر بمكتسباتهم ونشر مبدأ الكراهية والحقد بينهم وبين من يعاديهم. ولهذا أدرك خادم الحرمين خطورة ما تمر به الأمة الإسلامية، وانها في أمس الحاجة إلى العودة إلى المبادئ الحقيقية للإسلام، وان يعم التآخي بين الناس على مختلف أديانهم ومذاهبهم. ويتطلع - حفظه الله - إلى الوسطية والبعد من الغلو والتطرف وعدم اخذ الفتوى إلا من أهل العلم الثقاة، وتجريم أصحاب الدعوة إلى تكفير الآخرين لمجرد اختلافهم معهم، فمن كفّر مسلماً فقد كفر، كما قال صلى الله عليه وسلم. إن الملك عبدالله يرغب في أن تنعم الشعوب الإسلامية بالرفاهية والرعاية الصحية ومحاربة الفقر والبطالة والوصول بالإنسان المسلم إلى المنزلة التي كرمه الله بها كما ورد في القرآن والسنة، وتحقيق مبدأ العدالة والتأكيد على حقوق الإنسان من ذكر وأنثى بمنظورها الإسلامي الذي يصلح لكل زمان ومكان، والحفاظ على أدميته كانسان مسلم، غنياً كان أو فقيراً بصرف النظر عن مذهبه ومكانته بين الناس، فالناس في نظر الإسلام سواء، والرسول - صلى الله عليه وسلم ? قال:"كلكم من آدم، وآدم من تراب، وان أكرمكم عند الله اتقاكم". دمعت عيناي عندما رأيت خادم الحرمين الشريفين خاشعاً بجوار الكعبة المشرفة، يتقدم زعماء العالم الإسلامي رافعاً يديه بكل تواضع وخشوع لملك الملوك الواحد الجبار وهو يدعو ربه أن يجمع كلمة المسلمين، وكأنني اسمعه يقول:"يا رب اجمع كلمتنا، واجعل لنا من أمرنا رشدنا وانصرنا على من ظلمنا، وألف بين قلوبنا، وأعنا على قضاء حاجات شعوبنا، وان نكون عادلين بينهم"، وهنا لا يسعني إلا أن ارفع يدي قائلاً أمين يارب العالمين. مخلف الشمري - الخبر