علم امس ان اتصالات سورية - نمسوية تجري للاتفاق على ترتيبات سفر المسؤولين السوريين الخمسة الى فيينا حيث سيستجوبهم القاضي الالماني ديتليف ميليس رئيس اللجنة الدولية للتحقيق في اغتيال رئيس الحكموة السابق رفيق الحريري، لتوفير"اجراءات الحماية الامنية المشددة والسرية الكاملة". وعشية سفر هؤلاء ظهر في دمشق السوري هسام طاهر هسام الذي وصف بانه"الشاهد المقنع"في دمشق بعد هروبه من لبنان، بحسب قوله، بدلا من السفر الى العاصمة النمسوية لمواجهة المسؤولين السوريين وتوجيه اسئلة اليهم، الامر الذي اعتبرته دمشق انه ينسف نتائج التحقيق الدولي الذي يشتبه بتورط مسؤولين سوريين بالاغتيال وينزع الصدقية عنه. ووصف مصدر في الغالبية النيابية في لبنان رواية الشاهد السوري بأنها"عملية استخباراتية اختارت دمشق تفجيرها في هذا الوقت للتغطية على التنازل الذي اضطرت الى تقديمه وهو إرسال عدد من المسؤولين لاستجوابهم في فيينا". وأضاف:"ميليس محقق محترف، وتوقع منذ البداية أن تحاول الاستخبارات السورية اختراق التحقيق وايفاد شهود مبرمجين، والأكيد هو أنه لم يعتبر هذا النوع من الشهادات أساساً متيناً أو دليلاً قاطعاً". وفي دمشق، اوضحت مصادر مطلعة ل"الحياة"ان القاضي ميليس وافق في لقائه الاخير مع المستشار القانوني الدكتور رياض الداودي على حضور جلسات الاستجوابات بصفته مراقبا، وانه سيكون المستشار القانوني لجميع المحامين السوريين وبيوت الخبرة القانونية الاجنبية، وعرف بينهم اثنان من بريطانيا وثلاثة من النمسا بحيث يقدمون الاستشارات القانونية في هذه المرحلة والمرحلة اللاحقة بعدما حصلوا على التوكيلات القانونية من المسؤولين مصدقا من الجهات الرسمية في دمشق وفيينا. وعلم ان الخمسة سيسافرون دفعة واحدة وليوم واحد الى فيينا، وان ميليس وفريقه"ربما يطلب اكثر من جلسة وتمديد بقائهم". وفيما اقترحت مصادر ديبلوماسية"عدم العجلة"في اشارة الى ان الاستجوابات لن تحصل بسرعة، قالت مصادر سورية ان الاستجوابات"ستحاط بسرية كاملة بعيدا عن الاعلام لاسباب بعضها يتعلق بالتحقيق واخر يتعلق بالاجراءات الامنية". ولم يكن معروفا ما اذا كان المسؤولون سيقيمون في مقر السفارة السورية في فيينا، ام انهم سينزلون في مكان قريب اليها. وعشية الموعد المقرر لسفر خمسة سوريين للاستجواب، قال"الشاهد المقنع"هسام طاهر هسام لدى وصوله الى دمشق ان الافادات التي قدمها الى فريق التحقيق الدولي تشكل نحو 40 في المئة من تقرير ميليس الذي"يصبح خمس صفحات اذا نزعت شهادتي منه"، في حين قال الناطق باسم اللجنة القضائية السورية الدكتور ابراهيم دراجي ان التقرير الذي قدمه القاضي الالماني الى مجلس الامن في الشهر الماضي"اسقط"وان تصريحات هسام"تنزع الصدقية عنه". وفي بيروت، صدر عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة اغتيال الحريري تعليق اوضحت فيه ان هسام تقدم في المرة الاولى من اللجنة في نهاية حزيران يونيو 2005 وعرّف عن نفسه بأنه ضابط استخبارات سورية سابق في لبنان، وانه قال في الافادة التي مهرها بتوقيعه والمؤرخة في الاول من ايلول سبتمبر 2005:"أتيت طوعاً وبملء ارادتي لأدلي بإفادتي امام اللجنة، ولم أتعرض للتهديد ولم آت مرغماً". وأضاف بحسب ما ورد في بيان اللجنة:"كما لم أتلق أي وعود او حوافز لقاء حضوري وأنا على يقين من انني عبر الادلاء بأي معلومات خاطئة في هذا البيان أكون ارتكب جرماً يعاقب عليه في قوانين الجمهورية اللبنانية". وتابع هسام:"سأجيب عن الاسئلة كافة بما يتوافر لي من معلومات، وسأوضح للمحققين عندما اورد أمراً سمعته او اخبرني به آخرون وسأطلعهم على الامور التي اكون قد شهدت عليها شخصياً". كما أعرب في مناسبات عدة للجنة عن خشيته من التعرض وأسرته الى الاذى على أيدي عناصر أمنية سورية. واختتمت لجنة التحقيق في بيانها مؤكدة انها لا تعرض ولم تعرض يوماً او تقدم أي تعويض لقاء المعلومات. وبدوره ردّ المكتب الاعلامي لرئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري الموجود حالياً في الارجنتين على ما قاله هسام حول تلقيه منه مبالغ مالية لقاء تقديمه شهادة مزورة في الجريمة نافياً نفياً قاطعاً حصول أي لقاء او اتصال مباشر او غير مباشر بين الشخص الذي عرضه التلفزيون السوري وبين النائبين سعد الحريري وبهية الحريري او أي شخص من آل الحريري. وفي برشلونة، وجهت سورية بعض اشارات الليونة الى المجتمع الدولي، من القمة الأورو - متوسطية، وعبر اجتماع وزير خارجيتها فاروق الشرع مع رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة أمس عن"فتح صفحة جديدة". وعبر الكلمة التي القاها الوزير السوري في اجتماع القمة وأشار فيها الى"مزارع شبعا اللبنانية"، واعلانه دعم العملية السياسية في العراق. وإذ أكد الشرع على استقلال البلدين لبنان وسورية و"عدم التدخل الخارجي في شؤونهما الداخلية"بعد لقائه السنيورة، اعلن الأخير ان لقائه مع الشرع"خطوة نحو اختراق اساسي في جهود العلاقات الثنائية وتوترها"، وشدد على ان البحث تطرق الى ترسيم الحدود بين البلدين لإزالة اي امكانية لاستغلال أي تباين وعلى العمل مع الاممالمتحدة لإبلاغها ان مزارع شبعا لبنانية". واشار السنيورة رداً على إلحاح اسئلة الصحافيين حول امكان تحقيق ما أعلنه والشرع عملياً الى"أننا سنترجم ذلك على الأرض لاحقاً ان شاء الله". وجاءت زيارة الشرع للسنيورة في مكتب الوفد اللبناني في قصر المؤتمرات في برشلونة حيث انعقدت القمة بعد ان ابلغ الشرع وزير الخارجي اللبناني فوزي صلوغ الذي كان في عداد الوفد اللبناني، في احد اجتماعات المجموعة العربية، انه سيضمن خطابه عبارة عن لبنانية مزارع شبعا. ورأت مصادر مراقبة ان اللقاء والتصريحات التي اعقبته تنفس اجواء الاحتقان السائد نسبياً بين البلدين في انتظار الترجمة العملية له.