استمرت امس اجراءات ترتيب سفر المسؤولين السوريين الخمسة الذين يطالب القاضي الالماني ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري باستجوابهم، الى فيينا. وافادت مصادر مطلعة في دمشق ان هؤلاء سيسافرون فور وصول فريق التحقيق الدولي الى العاصمة النمسوية اليوم او غدا، على ان لا تستغرق التحقيقات فترة طويلة بحيث تجري بمعدل جلسة واحدة طويلة لكل من الخمسة. وعلم ان هؤلاء المسؤولين سيزودون جوازات سفر ديبلوماسية. راجع ص 6 و7 في موازاة ذلك، قالت مصادر في نيويورك ان الاتفاق بين ميليس والمستشار القانوني في الخارجية السورية رياض الداودي عل الاستجوابات في فيينا تضمن اجراء المقابلات"تباعا"على ان تبدأ بالمراتب الدنيا الى العليا. وقالت هذه المصادر ان هذا ما يفسر توجه المسؤولين الأمنيين"على دفعات"الى فيينا كما يفسر الصمت الدولي على اعلان سورية انها تبعث الآن فقط بخمسة مسؤولين، وليس الستة الذين طلبهم ميليس اساساً، علماً ان اعلى المراتب بين الستة هي مرتبة صهر الرئيس رئيس الاستخبارات العسكرية السورية آصف شوكت. وحسب مفهوم هذه المصادر تم الاتفاق على عدم استبعاد اي ممن طلب ميليس استجوابهم خلال مفاوضاته مع الداودي. وتضاربت المعلومات في شأن"موعد"بدء استجواب المسؤولين الأمنيين السوريين في فيينا بعدما عولجت قضية"المكان"لاجراء المقابلات، وقالت المصادر ان أسباب تعتيم"اللجنة الدولية المستقلة"عائد الى"اعتبارات أمنية"من ناحية، والى"شخصية"ميليس الذي اتخذ قرار عدم التعليق على ما ينشر أو يقال عن التحقيق والاستجوابات في هذا المنعطف. وبحسب المصادر، ان عملية الاستجواب سيبدأ بها أعضاء في"اللجنة الدولية المستقلة"وليس ميليس شخصيا، انما هذا لا يعني انه لن يشارك لاحقاً فيها. وقالت انه يريد أن يترك"خياراته مفتوحة"، فهو يريد ان يحتفظ بحقه في"القرار". واعلنت دمشق امس ان سبع فقرات من التقرير الذي قدمه ميليس الى مجلس الامن استندت الى شهادة هسام طاهر هسام، قبل ان تحذر من"استخدام اساليب غير قانونية"وتطالب ب"وقف تضليل"التحقيق، وصولا الى دعوة"السلطات القضائية اللبنانية واللجنة الدولية لاجراء تحقيق في التصرفات المشينة". وعلمت"الحياة"امس ان الخمسة سيسافرون بجوازات سفر ديبلوماسية الى فيينا، علما ان دمشق تسلمت تطمينات من اطراف عدة بينها القاضي ميليس ان ايا من الخمسة لن يوقف خلال وجوده في العاصمة النمسوية. وواصل المسؤولون السوريون امس العمل على توكيل محامين سوريين للدفاع عنهم في جلسات الاستجواب في فيينا. وعرف من المحامين عميد كلية الحقوق السابق الدكتور عبود السراج والمحاميان عمران الزعبي وخليل تعلوبة. ويجري العمل ايضا على توكيل محامين نمسويين ليكون"صلة الوصل بالامور الامنية وفق الانظمة النمسوية". وسيكون الداودي مستشار قانونيا لجميع المحامين. ورغم ان بعض المصادر اشار الى ان الخمسة سيسافرون على دفعتين: اولى، تضم اثنين وتبدأ مساء اليوم. وثانية، تضم ثلاثة تسافر بعد يومين، رجح امس احتمال سفر الخمسة"دفعة واحدة وليوم واحد لاسباب امنية ولاقل حضور اعلامي ممكن". وكان واضحا مدى"التكتم والسرية"اللذين تريد دمشق احاطة العملية بهما. وقالت المصادر ان فريق ميليس لن يتمكن من عقد اكثر من جلسة واحدة مع كل شخص سوري في فيينا، على ان يعكف القاضي الالماني على كتابة التقرير لمدة اسبوع ليكون جاهزا في حدود 11 الشهر المقبل لمناقشته في مجلس الامن في منتصف الشهر. وفي بيروت، تكثفت أمس الاتصالات بين رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والوزراء، للبحث في بلورة طلب الحكومة اللبنانية تشكيل محكمة دولية خاصة لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وأكدت مصادر وزارية ل"الحياة"ان المشاورات بين اعضاء الحكومة بدأت فور عودة السنيورة من برشلونة، مشيرة الى احتمال طرح موضوع المحكمة الدولية في جلسة مجلس الوزراء غداً في حال تم التوصل الى توافق مع وزراء حركة"أمل"و"حزب الله"، يؤمن عدم تعاطي هذين الطرفين معه بسلبية في حال رفضهم ان يكونوا في عداد الموافقين. ويحظى طلب الحكومة بتأييد وزراء الغالبية النيابية. في هذه الاثناء، استمرت ردود الفعل على ظهور الشاهد السوري هسام هسام أول من امس على التلفزيون الرسمي السوري واتهامه رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري برشوته من اجل الادلاء بشهادة زور امام لجنة التحقيق الدولية يتهم فيها مسؤولين سوريين ولبنانيين بأنهم كانوا وراء اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. وفي هذا السياق، حذر رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط من"محاولات سورية لزعزعة الامن في لبنان"و"لتضليل التحقيق الدولي"في جريمة اغتيال الحريري و"ضرب مصداقية"المحقق الدولي القاضي الألماني ديتليف ميليس. وأشار الى ان ظهور هذا الشخص على التلفزيون السوري"جاء على مشارف اجتماع فيينا لا اكثر ولا أقل"، مؤكداً"انهم لن ينجحوا في زعزعة مصداقية ميليس الذي نثق به وبالتحقيق الذي يجريه ولن نقبل بأي تسوية". ودعا جنبلاط الى"التنبه أمنياً"، وقال في اشارة الى ما قاله وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الى السنيورة في برشلونة، ان"الكلام في الخارج جميل ومعسول اما في الداخل فتخريب أمني من خلال بعض الشبكات المتبقية والقوية التي يملكها السوري في لبنان". يذكر ان ميليس الذي كان التقى ظهر امس المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا في اطار التنسيق القائم بين القضاء اللبناني ولجنة التحقيق الدولية، قصد فور انتهاء الاجتماع الوسط التجاري لمدينة بيروت وتناول الغداء مع عدد من اعضاء فريق التحقيق الدولي.