تصاب بالدهشة حين تتنقل بين مدن وقرى الأحساء في فترة العيد، حيث ترى أطفالاً يجلسون وراء "بسطة" مفروشة على الأرض، أو على طاولة خشبية، تزاحم ببساطتها مراكز البيع المجاورة أو"البقالات"المنتشرة في الأرجاء، إلا أن الملاحظ في هذه الظاهرة، هو توافد الأطفال على هذه البسطات للشراء، إذ تعد سمة بارزة في العيد، لم تزل محافظة على تماسكها منذ زمن بعيد. ويغلب على هذه البسطات توافق معروضاتها، إذ تغلب عليها الحلويات والألعاب والبالونات والألعاب النارية، والغريب أن تجد مواد مستحدثة غير مسجلة في السجلات التجارية، وهي منتجات مصنعة يدوياً من جانب أصحاب البسطات، مثل لعبة الحظ، وهي عبارة عن صناديق كرتونية صغيرة، يوضع في بعضها مبالغ صغيرة من المال، أو بعض الحلوى أو الألعاب. ويعد رأس مال هذه البسطات، والذي لا يتعدى ألف ريال، مصدر رزق لبعض الأسر الفقيرة، وغالباً ما يجلب العيد الربح والزيادة لهذا المبلغ الكبير على بعض الأسر، ولا غرابة حين يكون في كل قرية بسطة مشهورة منذ زمن. وأصبح عيد عيسى أبو شاجع 36 عاماً مشهوراً في قريته، فلا يمكن أن يكون صباح العيد جميلاً للأطفال، ما لم يزين الطريق ببضاعته في مثل هذا اليوم من كل عام. ويؤكد أنه لا يسعى وراء الربح المادي، فحين يرى السعادة والابتسامة على وجوه أطفال بلدته، يشعر بالغبطة والسرور، ويقول:"عمر البسطة الفعلي 12 عاماً، ولم أتخلف عن البيع في أي عيد سابق، وعادة ما أدخل عليها تطويرات وتحديثات كثيرة". ويبرر سبب توافد الأطفال على مثل هذه البسطات، وهجر المراكز التجارية بقوله:"اعتاد الأطفال على مدى أيام السنة على دخول المراكز، إلا أننا نحدث تغييراً يجعل الطفل يميل إلى الشراء منا، ظناً منه أننا نملك بضاعة لا تُعرض في المحال الأخرى والمراكز". ولعل طريقة عرض البضائع ومكان وجودها، له أثر كبير في هذه الظاهرة، فيختار أغلب الباعة ساحات القرى التي تكتظ بالأطفال والمعايدين، لتكون مركزاً لبيعهم. ولم تقتصر التجارة على البسطات، بل تتحول بعض القرى في الأحساء إلى ما يشبه أحياء مصر الشعبية، والتي تكتظ ب"أكشاك"الكشري وحمص الشام والذرة والبوظة، وغيرها من الأكلات الشعبية، فتجد في أحياء الأحساء طفلاً يقف خلف كشك خشبي صنعه بنفسه، يبيع فيه"سندويتش"بيض أو كبدة أو لحم مفروم أو بليلة وحتى الذرة، لتجد الأطفال يتجمهرون في لهفة حول تلك المعروضات التي تنافس البوفيهات والكافتيريات والمطاعم، وهذا ما يدعو أصحاب المطاعم للتساؤل عن سبب تهافت الأطفال على تلك الأكشاك التقليدية؟. وهل البساطة هي السبب أم أن لمسة سحرية تملكها تلك الأماكن، تجعل الأطفال يهبون متزاحمين عليها؟.