بدأت سورية امس تحركاً سياسياً وقضائياً تمثل ب "لجنة قضائية خاصة" شكلها الرئيس بشار الاسد لتبدأ مباشرة اجراءات التحقيق مع شخصيات مدنية وعسكرية ورد اسمها في تقرير القاضي ديتليف ميليس والتعاون مع السلطات القضائية اللبنانية. وفي بيروت قالت مصادر واسعة الاطلاع ل"الحياة"ان المعطيات التي توافرت لبعض المسؤولين اللبنانيين عن زيارة الرئيس المصري حسني مبارك الخاطفة الى دمشق أول من أمس واجتماعه بالرئيس بشار الأسد أكدت ان الزيارة جاءت من أجل دعوة الأخير الى القيام بمبادرة ما تؤكد التجاوب السوري مع التحقيق الدولي في اغتيال الحريري، والتعاون مع رئيسها ديتليف ميليس، قبل اجتماع مجلس الأمن الدولي المقرر عقده غداً الاثنين لمناقشة مشروع القرار الأميركي - الفرنسي - البريطاني الذي يدعو سورية الى التعاون مع التحقيق ويلوح بعقوبات على مسؤولين وأفراد فيها يحتمل ان يكونوا متورطين في الجريمة. وأوضحت هذه المصادر ل"الحياة"ان مبارك نقل الى الأسد تطمينات بأن الموقف العربي مستعد لاحتضان سورية في مواجهة الضغوط عليها لكن يجب أن تتجاوب مع ما يطلبه المجتمع الدولي في ما يخص التحقيق في اغتيال الحريري وان المراوحة في الموقف من هذه المسألة لن تكون لمصلحة سورية اذ يجب تبديد الانطباع على الصعيدين العربي والدولي بأن سورية تفعل غير ما تقول. ولم يستبعد مراقبون ان يكون الاعلان في دمشق عن تشكيل لجنة التحقيق الخاصة جاء نتيجة لمساعي مبارك. على صعيد آخر غادر بيروت أمس الى المملكة العربية السعودية رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لأداء مناسك العمرة في مكةالمكرمة. ولم تؤكد مصادر رسمية ما اذا كان السنيورة الذي يعود مساء اليوم الى لبنان، سيلتقي مسؤولين سعوديين أو يعقد اجتماعات سياسية أم لا، مشيرة الى ان عائلته رافقته لأداء مناسك العمرة معه. وفيما بدأ نائب وزير الخارجية السفير وليد المعلم بجولة خليجية تشمل السعودية وقطر والكويت لنقل"رسالة شفوية"من الاسد الى قادة هذه الدول، يتوجه وزير الخارجية فاروق الشرع الى نيويورك للقاء الامين العام للامم المتحدة كوفي انان ولالقاء خطاب رسمي يوم الاثنين في الجلسة المخصصة لمناقشة مشروع القرار الفرنسي -الاميركي الخاص بسورية. وعلمت"الحياة"أن السعودية، ضمن مساعيها مع سورية، تهدف أيضاً إلى وقف الاحتقان في العلاقات السورية - اللبنانية، وهذا الهدف يفسر زيارة رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة للسعودية أمس، إذ من المقرر أن يكون التقى خادم الحرمين الشريفين ليل أمس، بعد لقاء الملك عبدالله السفير المعلم، وتتوقع المصادر أن تمهد المساعي السعودية إلى قيام الرئيس فؤاد السنيورة بزيارة إلى دمشق في القريب العاجل. وقالت مصادر اخرى ل"الحياة":"ان تقرير ميليس تضمن الاشارة الى سوريين ووقائع جرت في سورية، فكان لا بد من التحقق من ذلك"، قبل ان تشير الى انه تقرر تشكيل"لجنة بمرسوم رئاسي لأن الاشخاص السوريين المشار اليهم في تقرير ميليس هم مدنيون وعسكريون". وكان الرئيس الاسد اصدر ظهر امس مرسوماً يحمل الرقم 96، نص على تشكيل"لجنة قضائية خاصة"تضم النائب العام القاضية غادة مراد والنائب العام العسكري جورج طحان وقاضياً ثالثاً يعينه وزير العدل القاضي محمد الغفري كي"تتولى مباشرة اجراءات التحقيق مع الاشخاص السوريين من مدنيين وعسكريين في كل ما يتصل بمهمة لجنة التحقيق الدولية المستقلة بموجب قرار مجلس الامن 1595"وان تتعاون مع السلطات القضائية اللبنانية"في كل ما يتصل باجراءات التحقيق"، مع السماح لها بأن"تستعين في تنفيذ مهماتها بمن تراه من قضاة وعسكريين او افراد الضابطتين العدليتين المدنية والعسكرية". لا"فيتو"في مجلس الامن ويصل الى نيويورك غداً الاثنين 12 وزير خارجية للدول الاعضاء لمجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار يطالب سورية بالتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني رفيق الحريري ويهددها بعقوبات اذا لم تلب المطالب كما يلزمها الفصل السابع من الميثاق الذي سيتبنى المجلس القرار بموجبه. وسيحضر جميع وزراء خارجية الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس جلسة التصويت الولاياتالمتحدةوروسياوالصين وفرنسا وبريطانيا ويترأسها وزير خارجية رومانيا. وقدمت الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا مشروع القرار ب"اللون الأزرق"أمام اعضاء المجلس لابداء الجدية في التمسك بنصه. لكن الديبلوماسية الثلاثية حرصت على ابلاغ الدول الأخرى انها مستعدة لبذل جهد اضافي للأخذ ببعض اقتراحاتها اذا كان ذلك سيضمن الاجماع وراء القرار. واستبعدت الأوساط الديبلوماسية بصورة شبه حاسمة ان تستخدم روسيا أو الصين حق النقض الفيتو لمنع مجلس الأمن من تبني القرار. كما ضمنت الديبلوماسية الثلاثية الأصوات التسعة الضرورية للدول المنتخبة الى عضوية المجلس لصالح مشروع القرار. وعليه فمن المتوقع ان يتبنى المجلس قرار تهديد سورية بالعقوبات، حتى ولو من دون الاجماع الذي تتمناه الديبلوماسية الفرنسية والاميركية. وحسب تقدير الديبلوماسية الاميركية فإن توجه 12 وزيراً الى نيويورك للمشاركة في هذه الجلسة يدل الى الأهمية البالغة للقرار، والى أن القرار سيحصل على عدد كبير من الأصوات"فالوزراء لا يسافرون هذه السفرات الطويلة ليقولوا لا"حسب مسؤول اميركي اشترط عدم ذكر اسمه.