وعد الرئيس السوري بشار الأسد، في مقابلة مع مجلة"شبيغل"الالمانية، بتقديم"تعاون غير محدود"مع رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، المدعي العام الألماني ديتليف ميليس. وقال الأسد للمجلة في عددها الذي سيصدر غداً الاثنين إن"هذا في مصلحتي ومصلحة سورية". ودخلت اليابان على خط الاتصالات مع دمشق بصفتها الرئيس الدوري لمجلس الأمن لهذا الشهر، فانتقل اليها من بيروت المدير العام لشؤون الشرق الأوسط وافريقيا في الخارجية اليابانية موتوهيدي يوشيكاوا بعد زيارته اسرائيل والأراضي الفلسطينية ولبنان. وسيجري اليوم محادثات مع المسؤولين السوريين، وأمل بأن تتعاون دمشق مع ميليس، كما وعدت. وتواصل النقاش في بيروت حول إمكان قيام محكمة دولية بعد صدور تقرير ميليس في وقت أبلغت مصادر دولية"الحياة"ان من المبكر مناقشة هذه المسألة على مستوى مجلس الأمن، ما دام التقرير النهائي لميليس لم يصدر بعد، في وقت تحدث مصدر مسؤول في الخارجية السورية عن مساع دولية"لتسييس التحقيق". راجع ص5 وذكرت"شبيغل"ان هناك بوادر لتخفيف التوتر بين سورية ولجنة التحقيق الدولية. ونقلت عن الأسد رفضه أي اتهامات بتورط سورية في اغتيال الحريري، ووصفها بأنها مزاعم سخيفة. وقال الأسد إنه واثق تماماً من أن سورية لا علاقة لها باغتيال الحريري، مؤكداً انه سيقدم"تعاوناً غير محدود"مع لجنة التحقيق الدولية. وفيما عاد ميليس من جنيف الى بيروت بعد لقائه ديبلوماسيين سوريين، حذر مصدر مسؤول في الخارجية السورية من مساع دولية ل"تسييس"التحقيق. وأشار الى تعرض ميليس الى"ضغوط أدت الى عدم الاشارة الى التعاون بسبب التأخر في تسلم الأجوبة الخطية على الأسئلة الموجهة الى أربعة مسؤولين سوريين". وكان ممثل الولاياتالمتحدة في نيويورك جون بولتون حمّل دمشق مسؤولية"بطء"التحقيق، قبل ان يدعو الى"التعاون الفوري"مع ميليس. وقال المصدر ل"الحياة"أمس:"نستغرب هذه التصريحات التي لم تأخذ في الاعتبار ان سورية أجابت في شكل واضح وكامل على الاسئلة التي كان وجهها ميليس الى بعض الشخصيات السورية بصفتها شهوداً، خصوصاً أن بولتن وغيره من السفراء في مجلس الأمن أخذوا علماً بالإجابات السورية". واضاف:"ان هذه التصريحات تدخل في سياق تسييس التحقيق. وهذا لا يفيد التحقيقات بينما نحن معنيون بالوصول الى الحقيقة". وكان المستشار القانوني عضو اللجنة السياسية في وزارة الخارجية الدكتور رياض الداودي سلّم ميليس أول من أمس في جنيف الأجوبة الخطية لأربعة مسؤولين سوريين مكتوبة في مذكرة موجهة من وزير الخارجية فاروق الشرع الى الاممالمتحدة. ورفض المصدر المسؤول الخوض في طبيعة الاسئلة او تفاصيل الاجوبة، قائلاً:"لا نستطيع التحدث عن هذه الأمور لأن هذا يدخل في سرية الاجراءات التي تتبعها لجنة التحقيق". وكان هناك اعتقاد سوري ان ميليس"سيأخذ في الاعتبار"الأجوبة السورية لدى تقديمه الاحاطة الى مجلس الامن يوم الخميس، خصوصاً أن المحقق الدولي كان"وعد"دمشق بأنه سينتظر هذه الاجابات، و"ان يأخذها في الاعتبار في احاطته". وسألت مصادر اخرى:"لماذا التأخير؟ ومن المسؤول عن التأخير؟"، قبل ان تلاحظ"تعمد دمشق حصول التعاون عبر قناة جنيف". من جهته، قال المصدر المسؤول إن سورية"أبدت سابقاً رغبتها واستعدادها للتعاون. وعلى رغم الاستياء من الاسلوب الذي اتبع أخيراً وعدم الاشارة الى التعاون السوري وتجاهل بعض الاطراف الاجابات، فإننا مستعدون لمواصلة التعاون". وليس معروفاً ما اذا كانت سورية ستوافق على استقبال ميليس قبل سفر الرئيس بشار الأسد الى نيويورك في 14 أيلول سبتمبر المقبل، او انها ستبقى متمسكة بأسلوب الاجابة عبر المراسلة او عقد جلسة واسعة من المحادثاث في الخارجية السورية في حضور شخصيات سياسية، مقابل تمسك ميليس ب"اللقاءات المباشرة". وقال المصدر المسؤول رداً على سؤال:"أشكال التعاون مسائل اجرائية يجري بحثها في حينه". في غضون ذلك، أعلن الديبلوماسي الياباني يوكيشاوا في لقاء صحافي في بيروت قرب انضمام 3 خبراء جنائيين يابانيين الى فريق التحقيق الدولي في اغتيال الحريري، وذلك بعد اجتماعه مع رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة ووزير الخارجية فوزي صلوخ. وقال رداً على سؤال عما سينقله الى الجانب السوري، ان"لليابان علاقات جيدة مع سورية ونحن داعمون للتطور الاقتصادي والاجتماعي فيها، وهي انسحبت من لبنان وهم الآن تحت الضغط في عدد من المسائل. وفي حال لبنان هناك مسألة التعاون مع القرار 1595 والتحقيق في اغتيال الحريري. ويؤمل منهم ان يلعبوا دوراً بناء في الاستقرار في العراق والحكومة السورية تعلم ذلك... ويتعين على الحكومة السورية ان تقوم بما يجب القيام به وليس دورنا ان نقول لها بأن تقوم بهذه الخطوة أو تلك. لكنني أعتقد بأن الحكومة السورية ذكية بما يكفي لتعرف ما هو الدور الذي عليها أن تلعبه". وقال ان"بعد اعلان بيان مجلس الأمن الخميس الماضي نعلم ان الحكومة السورية تحاول ان تتعاون مع عمل لجنة التحقيق الدولية ونأمل بأن يقوموا بذلك، كما يعدون... وفي نهاية المطاف، هم يتصرفون بحكمة، وآمل أن يحصل ذلك هذه المرة أيضاً. ان لهذه اللجنة دوراً سياسياً واسعاً في لبنان والمنطقة. نريد اعطاء اللجنة صدقية. نحن نأمل أن نلقى دعماً من كل الدول التي لديها معلومات". وسألت"الحياة"مصادر ديبلوماسية عما اذا كان البحث تطرق، خلال محادثات يوكيشاوا في بيروت، الى فكرة تحويل نتائج التحقيق على محكمة دولية بدل القضاء اللبناني، فنفت ذلك. وأوضحت ان السنيورة تطرق الى تناول الاعلام هذا الأمر، لكن لم يحصل نقاش في شأن الفكرة. وذكرت المصادر ان مجلس الأمن مطلع على الانطباعات التي تشير الى ما يقال عن الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية، لكن ليس هناك تركيز على هذه القضية الآن، ما دام تقرير ميليس النهائي لم يصدر بعد، فالبحث في أي اقتراح بمحكمة دولية وما شابه، لن يتم قبل الاطلاع على الخلاصات التي يصل اليها تقرير التحقيق.