يعتمد المجلس العمومي لمنظمة التجارة العالمية في الاجتماع الذي سينعقد يوم الجمعة 9 شوال المقبل الموافق11 تشرين الثاني نوفمبر المقبل، وثائق انضمام السعودية للمنظمة خلال احتفال رسمي في جنيف بعد نحو عشر سنوات من المفاوضات التي انتهت بالتوقيع على 38 اتفاقاً ثنائياً خاصاً بالنفاذ للأسواق إلى جانب بروتوكول الانضمام. واوضح وزير الصناعة والتجارة الدكتور هاشم يماني أن المملكة كانت وما زالت تؤمن بالاقتصاد الحر ومبادئ المنافسة العادلة والمعاملة الوطنية وحق الدولة الأولى بالرعاية، وهي من أهم مبادئ منظمة التجارة الدولية، لذلك فمن الطبيعي أن تكون المملكة عضواً في هذه المنظمة الدولية لتحصد المكاسب الناتجة من فتح الأسواق الدولية أمام الصادرات السعودية وبناء قدراتها وطاقاتها البشرية من خلال زيادة فرص الاستثمار في المملكة. وكانت مفاوضات عسيرة ومضنية تكللت أخيراً بالنجاح أصبحت موضع تقدير من الجميع، صاحبها صدور منظومة متكاملة من القوانين والأنظمة التي تهيئ الأرضية للدخول في المنظمة، وسيكون للانضمام لمنظمة التجارة الدولية آثار قانونية والتزامات في تحرير تجارة السلع والخدمات وحقوق الملكية الفكرية وتوقعوا أن تؤثر هذه الالتزامات في القطاع الخاص السعودي. وقال المدير الإقليمي لمجموعة تمويل الشركات في بنك الجزيرة في المنطقة الشرقية دانيال آل صلاح:"إن انضمام السعودية يشكل مرحلة تاريخية جديدة للاقتصاد، ستكون له آثار في جميع الشركات والمصانع والمؤسسات في البلاد، إذ ستعتمد السوق على القدرة على المنافسة في الجودة والأسعار". وأضاف:"أن الانضمام إلى منظمة التجارة يعني رفع الحواجز بين المنتجات بأنواعها الاستهلاكية والخدمية، وسيكون المعيار الأول هو الجودة ومناسبة السعر، ما يعني ان السلع المقدمة ستحتاج إلى تفكير جديد في كيفية المحافظة على استمرارها وسط منافسة شرسة تضع في أولوياتها الوصول إلى المستهلك وإقناعه بها". وأشار إلى أن الشركات العائلية لا تختلف عن غيرها أمام التحديات التي سيفرضها الانضمام إلى المنظمة، إلا أنه أوضح أنها ستكون على المحك أكثر من غيرها باعتبارها تواجه"محدودية التفكير ورأس المال والقدرة على الانتشار الواسع"، وأضاف أن هذه الأمور تجعل من الشركات العائلية أن تقبل التحدي وتحدث تطوراً يجعلها في مأمن من المخاوف التي تشخص وضعها. وأكد أن السعودية تتمتع بقدرة كبيرة على المنافسة، خصوصاً في السلع الاستراتيجية مثل البتروكيماويات، لامتلاكها المادة الأساسية والجودة العالية، ما يجعل هذه السلعة منافسة على مستوى العالم. من جهته، قال الاقتصادي نظير هاني:"إن السعودية أجرت تعديلات أساسية وجوهرية على أنظمة التجارة المعمول بها تطبيقاً لقواعد المنظمة، أهمها في مجالات الاستثمار والعمالة الأجنبية، وتخفيض الرسوم على الواردات في الصناعات الغذائية، وكذلك في الجوانب التي كانت موضع خلاف لسنوات عدة والمتعلقة بالخدمات والمشتريات الحكومية والتأمين". وأضاف:"أن الانضمام سيعني للسعودية الكثير، وستكون موافقة المجلس العام للمنظمة، والمجلس الوزاري الذي سيعقد اجتماعه في هونغ كونغ، منتصف كانون الأول ديسمبر المقبل على بروتوكول انضمام السعودية حدثاً اقتصادياً تاريخياً، سيغير مجريات أداء التجارة والصناعة في المملكة، وسيكون ايجابياً على المستوى البعيد". وأشار إلى أن الوعي بأهمية الانضمام ستتولد بالممارسة لدى عموم التجار والصناعيين، ودعا الغرف التجارية السعودية إلى ضرورة تكثيف البرامج الموضحة لإيجابيات وسلبيات الانضمام، وكيفية المنافسة فيها. من جانبه، أكد مستشار منظمة التجارة الدولية في الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية طارق الزهد، أن الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية ليس نهاية المطاف، وأن فترة ما بعد الانضمام تحتاج إلى جهود كبيرة ومشتركة من القطاعين العام والخاص للتعامل معها، ما يتطلب من القطاع الخاص دراسة اتفاقات المنظمة ذات العلاقة بعمق، وذلك لمعرفة الحقوق والواجبات في كل اتفاق من اتفاقات المنظمة. وأشار إلى أهمية أن تقوم الشركات في القطاع الخاص ببناء قدراتها القانونية بما يرقى إلى التعامل بفعالية مع الاتفاقات، وذكر أن السعودية كانت تقدمت بطلب للانضمام لمنظمة التجارة بتاريخ 13-6-1993. وأشار إلى أن مبادئ منظمة التجارة الدولية الأساسية هي"مبدأ الدولة الأكثر رعاية، ومبدأ المعاملة الوطنية، ومبدأ الشفافية، ومبدأ ربط التعرفة الجمركية، ومبدأ عدم فرض قيود كمية على الواردات من دون مبرر". وقال إن"منظمة التجارة الدولية لا تمتلك سلطة على الدول، ولكنها إطار للتفاوض وإطار لحل الخلافات التجارية والتي من شأنها أن تعزز النظام التجاري العالمي متعدد الأطراف". وشدد الزهد على أن منظمة التجارة الدولية ليست منطقة تجارة حرة، كما يفهمها البعض وأن عملية تحرير التجارة للسلع والخدمات تكون عبر المفاوضات التي تختلف نتائجها من دولة لأخرى. إجماع أصوات الدول الأعضاء تتخذ القرارات في منظمة التجارة العالمية في العادة بإجماع أصوات الدول الأعضاء ثم يتم إقرارها لاحقاً من خلال برلمانات الدول. تُحوَّل أية خلافات تجارية إلى آلية تسوية المنازعات في المنظمة إذ يتم الاحتكام إلى الاتفاقات والمعاهدات لضمان أن النظم والسياسات التجارية للدول تتوافق معها. وبهذا الأسلوب فإن مخاطر تحول المنازعات إلى صراعات سياسية أو عسكرية تنخفض كثيراً. وبتقليل الحواجز في التجارة تؤدي أنظمة منظمة التجارة العالمية إلى تقليل الحواجز ما بين الأمم والدول. إن محور النظام والمعروف بالنظام التجاري المتعدد الجوانب هو اتفاقات منظمة التجارة العالمية والتي وقعتها غالبية دول العالم التجارية وأقرتها برلماناتها. تعد تلك الاتفاقات الأسس والقواعد القانونية للتجارة الدولية، وهي في أساسها عقود تكفل للدول الأعضاء حقوقاً تجارية مهمة، كما تلزم الحكومات بأن تحافظ على استمرارية سياساتها التجارية في إطار حدود مقبولة بشكل يحقق مصلحة الجميع. إن الاتفاقات تحادثت بشأنها الحكومات كما وقعتها الحكومات، غير أن الغرض من تلك الاتفاقات في الأساس هو مساعدة منتجي السلع والبضائع ومقدمي الخدمات والمصدرين والمستوردين لإدارة أعمالهم بنجاح، ما يقود إلى تحقيق مصلحة ورفاهية شعوب الدول الأعضاء.