ظهر علينا وزير الداخلية العراقي جبر صولاغ الزبيدي، بتصريح يتهجم فيه على وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل والدولة السعودية. ورداً على بعض ما قال: فتسمية البلاد التي تكلم عنها باسم العائلة منذ 300 سنة تقريباً - الدولة السعودية الأولى عام 1744 والدولة السعودية الثانية عام 1843 - وكان ذلك قبل اتخاذ البلاد اسم المملكة العربية السعودية، وقبل بداية حكم الملك عبدالعزيز. والحقيقة أن أسرة"آل سعود"لم تختر اسم الدولة السعودية، وإنما القوى العظمى في ذلك الوقت هي التي أطلقت عليها الدولة السعودية، وتلك القوى هي بريطانيا والإمبراطورية العثمانية، وخصوم"آل سعود"داخل الجزيرة العربية، وهذا مثبت في الوثائق البريطانية والمخاطبات التي كانت تتداول في تلك الفترة من التاريخ. والسبب في بروز اسم"الدولة السعودية"ما أنجزته أسرة"آل سعود"عبر التاريخ، وحملها لواء توحيد الجزيرة العربية وهو حق مكتسب نظراً إلى ما قدمته الأسرة من تضحيات عبر ثلاثة قرون من الزمن ليكون هذا الكيان الذي نعيش فيه الآن. ولو كنت يا معالي الوزير تابعت التاريخ لعرفت أن اسم"السعودية"قديم وليس حديث، ونتاج طبيعي لتضحيات أسرة لم تسم نفسها وإنما اكتسبت التسمية من الآخرين. أما من تطاولت عليه فهو عميد الديبلوماسيين العرب، و"المعلم"في الديبلوماسية عبر ما يزيد على ثلاثة عقود مقارنة بعمرك الوظيفي في وزارة الداخلية العراقية الذي لا يتعدى بضعة شهور. الوزير السعودي، جده الملك عبدالعزيز المؤسس ووالده الملك فيصل وأعمامه ملوك المملكة العربية السعودية، وأنت أيها الوزير"صولاغ"لا أعرف اسماً عربياً جاء في المعاجم العربية باسم"صولاغ، لكن يكفي بأنك بررت ذلك بأنه اسمك الحركي واسمك الحقيقي"باقر"وقد لجأت إلى ذلك خوفاً من النظام السابق الصدامي. أما البداوة التي تحدثت عنها، فهي فخر وليس مذمة، لكن يبدو أنك تجهل ما يفتخر به العرب، ويحرص بعض رؤساء الدول العربية على إعادة نسبهم في قبائل الجزيرة العربية ويمارسون بعض مظاهر حياة البادية مثل الجلوس في الخيمة واستقبال ضيوف الدولة لافتخارهم واعتزازهم بذلك. أما حديثك عن الجمل أيها الوزير"الحديث"، فاعلم أنه من أرقى الحيوانات المخلوقة خلقاً وسلوكاً، وهو من معجزات الله في خلقه وورد ذكره في كتاب الله، واستفاد منه ملك بابل حمورابي المتوفى سنة 1750 ق.م، كما يظهر من النقوش الأثرية التي تدل على ذلك أيها الوزير الفخور بحضارة"بابل". كما أن القوانين التي تنسب إلى"حمورابي"لا أعتقد بأنها تجيز التهجم على الرجال"العظام"أمثال الأمير سعود الفيصل الذي هو في الحقيقة حريص على وحدة العراق واستقراره. ولا أعلم من أين أتى الوزير بمصطلح"مواطنين من الدرجة الثالثة"، والمصيبة هنا، بأنه وزير للداخلية ويفترض بأن يكون دقيقاً في اختياره لكلماته. يا معالي الوزير لا يوجد في السعودية مواطن من الدرجة الأولى ولا الثانية ولا الثالثة، ولعل المفاهيم اختلطت على شخصكم وكنت تقصد العهد"الصدامي"، الذي كنت أحد ضحاياه، ما دفعك إلى اختيار اسم حركي أحدث لك حرجاً في التخلص منه بعدما أصبحت وزيراً. نحن في السعودية مواطنون من دون درجات، وكل مواطن سعودي مؤهل لأن يكون وزيراً أو عضواً في مجلس الشورى أو من كبار الضباط في السلك العسكري... أما حقوق المرأة وقيادة السيارة التي تفخر بها، فإني أطلب من معاليك الاطلاع على نتائج اللقاء الذي حدث أخيراً في السعودية بين وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الديبلوماسية كارين هيوز، ومجموعة من السعوديات، حيث لقنَّ المسؤولة الأميركية درساً في الثقافة السعودية وخصوصية المرأة السعودية، وأبلغنها أنهن سعيدات بوضعهن الراهن، وقد كفل الإسلام حقوقهن كاملة، ولسنا في حاجة إلى قيادة السيارات التي تفخر بها يا معالي الوزير، كما هو عندكم في العراق. أحمد الحاوي باحث سعودي في"الجيوبولتيك" [email protected]