تواجه نحو 30 ألف طالبة في محافظة حفر الباطن "ظروفاً صعبة أثناء تنقلهن بين منازلهن ومدارسهن"، بحسب أولياء أمور بعضهن. ويصل عدد مدارس البنات في المحافظة إلى نحو 165 مدرسة، تشمل المراحل الدراسية جميعها. وقال أولياء أمور طالبات ل "الحياة" إن "الحافلات التي توفرها إدارة التربية والتعليم للبنات في المحافظة قديمة ولم تعد صالحة، إذ لا تتوافر فيها المواصفات المطلوبة، خصوصاً أن تصميمها لا يراعي تقلبات الطقس". ولا تحوي الحافلات أجهزة تكييف، "ما يجعل ركوبها صيفاً مشكلة كبيرة"، بينما بعضها الآخر مهشم الزجاج، ما يسمح بدخول الهواء البارد إلى الطالبات خلال فصل الشتاء. ودفعت هذه الأوضاع عدداً من الآباء إلى رفض ركوب بناتهم هذه الحافلات، وفضلوا نقلهن بأنفسهم إلى المدارس والعودة لاصطحابهن في أوقات الخروج، ما يضطر معه الآباء إلى ترك أماكن عملهم ليقلوا بناتهم. ولا تغطي الحافلات أحياء المحافظة كلها، لقلة عددها. ويقول حزام معيوف أحد أولياء الأمور: "صدمت فجر أحد الأيام الباردة بحافلة تمر قرب منزلي، لإيصال طالبة من الحي الذي اقطنه، كان البرد شديداً وقارساً، والبنات داخل الحافلة يرتجفن من البرد، لأن الزجاج كان مهشماً". ويضيف "لم أتصور قبلها المعاناة التي تتعرض لها الطالبات أثناء ركوبهن هذه الحافلات". ويتساءل ما الذي يجعل سائق الحافلة يأتي في الخامسة والنصف فجراً؟ "فهذا التوقيت غير سليم، لأنه لم يراع فصل الشتاء وبرودته". ويعتقد أن "الأعداد التي تركب الحافلة كبيرة، ما يضطر معه السائق إلى القدوم باكراً. وإذا كان فصل الشتاء قاسياً على الطالبات اللاتي يستقللن هذه الحافلات، فإن فصل الصيف ليس أفضل كثيراً. "فهذه الحافلات لا يتوافر فيها تكييف، وبالتالي فإن على الطالبات مواجهة حر الصيف وسمومه"، كما يقول معيوف. ويطالب إدارة تعليم البنات بحل للمشكلة. ويرى أنها "مطالبة بمتابعة الموضوع من جوانبه كلها، والإجابة على التساؤلات التي تدور في أذهان الطالبات وأولياء أمورهن". ولأن حافلات التربية والتعليم لا تصل إلى الحي الذي يقطنه، استأجر رشيد عراك والد طالبتين تدرسان في المرحلة الابتدائية حافلة خاصة، تنقل الطالبات مقابل 200 ريال شهرياً عن كل طالبة. ويقول: "ظروف عملي لا تسمح لي بنقل بناتي إلى مدارسهن، إضافة إلى أعباء الانتظار أثناء خروجهن وإعادتهن إلى البيت مرة أخرى". بيد أن كثيرين لا يستطيعون تحمل تكاليف استئجار حافلة لإيصال بناتهم، كما فعل عراك. ويقول أب لثلاث طالبات: "أنا متقاعد من عملي وأتقاضى شهرياً 1500 ريال، وظروفي الصحية والمالية لا تسمح لي بتوصيل بناتي إلى المدرسة، كما أنني لا أستطيع ان أدفع 600 ريال شهرياً، لذا تضطر البنات الثلاث إلى قطع نحو 1.5 كيلومتر لكي يصلن إلى مدارسهن وقطع المسافة نفسها في العودة، وسط ظروف جوية صعبة في الشتاء والصيف، كما يواجهن سرعة السيارات ورعونة الشباب في الشوارع والطرقات". ودفعت مشكلات الحافلات عدداً من أولياء الأمور إلى إلحاق بناتهم بالمدارس الخاصة، "ليس بحثاً عن مستوى تعليمي أفضل فقط، ولكن لتلافي مشكلات النقل"، كما يقول مانع الظفيري الذي يرى ان هذه الخدمة "مميزة، فوسيلة النقل المستخدمة حديثة، وتراعي الحاجات كافة وظروف المحافظة، وفيها تكييف وتدفئة خاصة لفصلي الصيف والشتاء، ولهذا فإن الآباء يفضلون هذه المدارس. فالأب غير مستعد لتعريض أبنائه وبناته للهيب الشمس وبرودة الشتاء وعبور الشوارع ومواجهة السيارات واستهتار الشباب". ويقترح عدد من أهالي حفر الباطن حلولاً لهذه المشكلة، منها ان تنسق إدارة التربية والتعليم عملية النقل الخاص، وتشرف على حافلات نقل الطالبات، فيكون الاتفاق بينها وبين السائق، وليس بين الأب والسائق مباشرة. واستبعاد السيارات التي لا تتوافر فيها مواصفات السلامة، والسائقين الذين تدور حولهم شبهات أخلاقية. بينما يقترح آخرون ان يسهم رجال الأعمال والقطاع الخاص في المحافظة في حل هذه المشكلة، عبر توفير حافلات حديثة، وتقديمها خدمة إنسانية لأهالي المحافظة. ويقول أحد الآباء: "أرى ان يدعو المحافظ إلى هذا العمل الإنساني النبيل، وكلي ثقة أن التجاوب سيكون كبيراً، فكثير من أبناء المحافظة يرغبون في التبرع، لكنهم يبحثون عن قناة أو حافز".