يقدم القطاعان الحكومي والأهلي "التجاري" التعليم في أي بلد في العالم على حد سواء، من دون أن يكون هناك إقصاء من أحد الطرفين للآخر. وتنظيم العملية التعليمية من المرحلة الجامعية وما فوقها يعود عادة إلى وزارة التعليم العالي، التي يتساوى لديها الطرفان، وتتعامل بحيادية تخدم المصلحة العامة. فكل وزارة تعليم عال يعول عليها المجتمع كثيراً للنهوض بأبنائه، وتوفير فرصة التعليم العالي لهم. ونلمس في السعودية أن وزارة التربية والتعليم قطعت شوطاً كبيراً في ما يتعلق بتوفير التعليم الحكومي أو إتاحة الفرصة كاملة للتعليم الأهلي، ولهذا نجد لدينا بيوت علم عريقة حظيت بسمعة مرموقة بين طبقات المجتمع المختلفة. أما وزارة التعليم العالي لدينا فهي للأسف تقف حجر عثرة في طريق ظهور جامعات جديدة أو كليات جامعية متخصصة، وذلك بخلاف أن التوسع في الجامعات الحكومية محدود وهو في الأصل تحويل فروع الجامعات إلى جامعات مستقلة. ولكن التوسعة الحقيقية التي يحتاجها خريجو المرحلة الثانوية للحصول على فرصتهم في التعليم العالي مغيبة، لأن حجم المقاعد الدراسية لم يشهد أي زيادة تذكر يمكنها مقابلة الأعداد الضخمة التي تخرجها الثانوية العامة كل عام. وعلى رغم أني قريب من هذه الوزارة إلا أني أجدها تسير سير "السلحفاة" الهرمة التي لا تستطيع السير، وهي في الأصل بطيئة. ولذلك لا أستغرب عندما أجد علامات استفهام كبيرة لدى أغلب أفراد المجتمع حول ضعف هذه الوزارة الحيوية في مواكبة عجلة التقدم التي يشهدها العالم البلاد أيضاً خصوصاً في ما يتعلق بالتعداد السكاني. وكلما قابلت أحد المعنيين بالتعليم الأهلي أو المستثمرين فيه، سمعت استياء عاماً من اللجنة العلمية التي شكلتها الوزارة لدراسة المشاريع التعليمية، وأن هذه اللجنة أو تلك تعيق النهضة التعليمية أكثر مما تخدمها. وعند قراءتنا الجديدة في خريطة التعليم العالي في ما يتعلق باستحداث جامعات أو كليات، نجدها حصيلة فقيرة لا تتواكب مع الفرص الاستثمارية التي تتمتع بها السوق السعودية، ولا حتى مع الزيادة المطردة في مخرجات التعليم الثانوي. وكذلك هناك رتابة في فتح تخصصات جديدة على رغم أن متطلبات سوق العمل تشهد حركة تغير سريعة، وتتطور احتياجاتها العملية. وأزداد "حنقاً" عندما أطلع على أعداد الطلاب السعوديين في الدول المجاورة التي بدأت التعليم بعدنا بمراحل، وأتألم أن شبابنا وشاباتنا تغربوا من أجل العلم والمعرفة ونحن لدينا الإمكانات أن نوفرها لهم. كما يمكننا أن نستثمر هذا النزيف المالي داخلياً، بما ينعكس على تطور تعليمنا وثرائه. الرياض يزيد العلي