شهدت كواليس عملية قتل الإرهابيين السبعة عقب التفجيرين اللذين وقعا في الرياض يوم الأربعاء الماضي أحداثاً تستحق أن تروى، على الأقل لإبراز جانب خفي من المواجهة التي حسمتها قوات الأمن السعودية بمقدرة لافتة. أوستن ديلاكروس فلبيني الجنسية يقطن في شقة صغيرة ملاصقة للشقة التي تجًّمع فيها الإرهابيون السبعة، وكان الشخص الوحيد من بين سكان البناية التي تقع في طريق أبي بكر الصديق في حي التعاون الشاهد على ما حدث. يقول ديلاكروس إنه كان يعاني من آلام في ضرسه فلم يستطع التوجه إلى عمله، وقصد أحد المستوصفات المجاورة للعلاج، ولم يكن يعلم - على حد قوله - أن آلام أسنانه أخف بمراحل من الرعب الذي عاشه حين كان قاب قوسين أو أقرب من الموت. فبعد عودته من المستوصف، قرر الاسترخاء وأخذ قسط من الراحة، إلا أنه فوجئ بدوي انفجار، تكرر مرتين، لم يجد له تفسيراً إلا أن يكون صوت قنبلة، ولكنه استبعد الفكرة وقرر الخلود للنوم. وما هي إلا لحظات حتى تأكد أوستن أنه لم يكن واهماً إذ انهمرت طلقات الرصاص على المبنى من الداخل والخارج. ومن دون أي تفكير قصد زاوية في غرفته، وغطى رأسه بلحافه. ومن شدة الارتجاف، لم يستطع الحفاظ على وضعه جالساً، ليجد نفسه ممدداً تلقائياً. ويقول إن تبادل إطلاق النار استمر لأكثر من 40 دقيقة، وقبل توقفه كان أحد الإرهابيين يحاول اقتحام سكنه لأنه بعيد نوعاً ما عن وجهة الرصاص الذي كان ينهمر كالمطر، ولكنه تذكر ما حدث في الخبر، وكيف مات بعض النزلاء لمجرد استجابتهم لطرق الإرهابيين. وحاول أوستن الاستغاثة، لكنه لم يقدر على النطق من شدة الرعب، وبعد لحظات أصبح بإمكانه الرؤية عبر الجدار لكثرة الثقوب الواسعة التي خلفتها الأسلحة النارية، وكان يتابع سقوط بعض الإرهابيين، واتجاه بعض المصابين منهم إلى سطح البناية. ويضيف أنه بعد انحسار صوت الطلقات النارية الصادرة من داخل المبنى، استعاد صوته المفقود، إذ أحس بسيطرة رجال الأمن على الموقف فأخذ يصيح بالانكليزية طالباً النجدة. ويقول إن رجال الشرطة أحاطوا به على الفور وفحصوه ليتأكدوا من خلوه من أي إصابة، وقاموا بنقله إلى المستشفى فوراً، على رغم عدم إصابته ولكن حالة الرعب التي كان عليها حتمت إخراجه من المكان تماماً وإخضاعه لعلاج يهدئ من روعه. استعاد الآن أوستن أنفاسه، ولكن الكوابيس ما زالت تلازمه من يومها. ويقول زميله اسكندر حسين بنغلاديشي الجنسية إن الشقة التي كان يقطنها الإرهابيون مستأجرة منذ مدة طويلة، ولكن السكان الذين استقروا فيها منذ شهر رمضان الماضي، بدوا غريبي الأطوار، إذ لم يقوموا بإلقاء التحية على جيرانهم، إلا نادراً، وكانوا سريعي الحركة في الدخول أو الخروج من المبنى، وكانوا حريصين على أن لا يفتح باب شقتهم إلا للضرورة، ولكن أحداً لم يشك بأن يكونوا من الإرهابيين. ويضيف أنه لم يكن موجوداً في سكنه خلال الحادث، ولكن أصوات القنابل والرصاص وصلت بسهولة إلى مقر عمله القريب من السكن، ولم يستطع الدخول مع زملائه إلى سكنه لإغلاق الأمن بوابة العمارة ومنع الاقتراب منها أيضاً في الأيام الأولى. أما ألفين بالوكاتينج الفلبيني الجنسية، والذي أعلن إسلامه قبل ستة أشهر، فيستبعد أن يكون الإرهابيون على دراية بدين خاتم الأنبياء، ويقول إنهم نشروا الرعب في المبنى بكامله، فبعد سماح السلطات للسكان بدخول مساكنهم، كانت حالة من الفوضى تعم المكان.