بعد أن كان الوادي الذي يعرف أيضاً بوادي"الاديرع"في حائل مجرى لمياه الأمطار التي يستبشر بها الأهالي، أصبح الآن ناقلاً للأوبئة والأمراض التي تتربص بهم، ما قد يكون سبباً في كارثة بيئية وإنسانية. يعاني أهالي حي السويفلة شمال مدينة حائل من مياه الصرف الصحي المتسربة من باطن الأرض في وادي الديعجان. بدأت قصة هذا الوادي قبل ما يقارب السبع سنوات حينما ظهر طفح المجاري في حي"المنتزه الشرقي"، وكانت البقعة التي تظهر فيها المياه يمكن احتواؤها ومعالجتها، إذ لم تكن تشكل إلا مساحة محدودة، وقد تحركت وزارة المياه لتأمين شبكة صرف صحي لم تشغل حتى الآن لحي صديان الشرقي والغربي وأُهملت بقية الأحياء، وتدخلت صحة البيئة بمنع المزارعين المجاورين للوادي من زراعة المنتجات الورقية، وقامت البلدية برش الأماكن التي يظهر فيها طفح المياه على فترات متفاوتة على رغم صعوبة الوصول إلى بعض الأماكن. تهديد للصحة العامة لكن ما استجد على هذا الوضع هو ازدياد مساحة التسرب، وتطور الطفح في شكل يهدد الصحة العامة، وبعد أن كانت المشكلة في متناول الحل، تطورت الآن وأصبحت مياه الصرف الصحي تظهر بداية من منتزه السمراء المجاور للوادي وتمتد أكثر من 10كلم متحولة من مياه جارية في بعض الأماكن إلى مستنقعات راكدة. ويرى المواطن سالم المبارك أن الموقع الجغرافي له دور في هذه الظاهرة، فموقع مدينة حائل بين سلسلة جبال أجا من الغرب والجبال المنتصبة في جهتها الشرقية، شكل حاجزاً يحول بين تصريف مياه الأمطار ومياه الصرف الصحي، ما يؤدي بها إلى وادي الديعجان، ومنه تبدأ المشكلة، ويطالب بأن تشمل شبكة الصرف الصحي جميع الأحياء لتلافي الكارثة المنتظرة. وضع لايحتمل التأجيل ويضيف المواطن عقيل الحجي : أن ما يعقد المشكلة أكثر كون هذا الوادي يمر بأحياء كثيرة، منها السويفلة التي يحيط بها الوادي من جميع الجهات ما عدا الشرقية، ويقطع الطرق التي تصل إليها، وخاصة الطريق الذي يربط بين الحي والمدرسة وبقية الأحياء في المنطقة. ويشير الحجي إلى أن طلاب المدارس هم أكثر من يعاني، لأن الوصول إلى المدرسة المتوسطة أو الابتدائية التابعة للحي ليس متاحا إلا سيراً على الأقدام، وهذا ما يجعل الطلاب عرضة للأمراض التي تأتي من الوادي. أما المواطن لافي الخليف فيرى أن الوضع لا يحتمل التأجيل، ويتطلب المبادرة العاجلة، والتحرك السريع. ويضيف، أن مياه الصرف الصحي تحمل معها مواد كيماوية وجرثومية يمكن أنه تنشر الأمراض بين الأحياء التي يمر بها الديعجان، إضافة إلى خطرها على الأطفال الذين لا يدركون ضررها. حلول مقترحة ولعل الذين عاشوا مع المأساة منذ نشأتها هم الأقدر على وصفها"لذا كان لزاماً علينا التوجه إلى أحد أصحاب المزارع القريبة من الوادي، وقد التقينا بالمواطن فهد المطلق الذي أبدى أسفه على الحال التي وصل إليها الإديرع محملاً البلدية المسؤولية عن تفاقم الوضع في الوادي. يرى المطلق أن من الحلول التي يجب أن تأخذ بها البلدية: وضع تمديدات مجاورة للإديرع لجذب مياه الصرف الصحي وإبعادها عن الأحياء ثم معالجتها لتتم الاستفادة منها من طريق إيجاد غابات اصطناعية تتغذى من هذه المياه بعد المعالجة، ويضيف: إن المزارع المجاورة للوادي تتضمن آثاراً قديمة تشهد على عراقة هذه المنطقة، ويتساءل: أهكذا نقدر الإنسانية والتاريخ؟. توجهت"الحياة"إلى المديرية العامة للمياه في المنطقة ممثلة بالمهندس سليمان بن عبد الرحمن العميم الذي أرجع أمر الطفح إلى البلدية، ويرى"أن سبب الطفح هو تشبع التربة وارتفاع الماء الأرضي حتى يظهر على سطح الأرض، ولكون الوادي اخفض نقطة فإن المياه تتجه إليه"ويرى أن من الحلول التي تقلل من ذلك هو تنفيذ شبكة الصرف الصحي، مشيراً إلى الشبكة التي تنفذ الآن في كل من المتنزه الشرقي والغربي وشمال المتنزه، ويتوقع عند تشغيل هذه الشبكة أن يبدأ تناقص هذه المشكلة، ويضيف أن من أهم الاحترازات للقضاء على المشكلة ترشيد استهلاك الماء. وعن سؤاله عن أهم المشاريع بهذا الخصوص. كان رده: أهم المشاريع هي شبكة الصرف الصحي التي تنفذ الآن، كما أنه جار متابعة موضوع استكمال المرحلة الثانية للصرف الصحي، إن هذا الموضوع يلقى اهتماماً كبيراً من أمير منطقة حائل ونائبه ومعالي وزير المياه والكهرباء. ويوضح المهندس في المديرية العامة للمياه في منطقة حائل سليمان بن عبد الرحمن العميم، أن شبكة الصرف الصحي، التي تنفذ الآن في كل من المتنزه الشرقي والغربي وشمال المتنزه، ستضع حداً للمشكلة. إلا أن الانتهاء منها سيستغرق سنوات عدة. ويطالب أهالي المنطقة بترشيد استهلاك الماء للمساعدة في حل المشكلة جزئياً. أما مدير بلدية المنطقة الدكتور عبد العزيز العمار، فلا يجد أن مياه الصرف تمنع الاستفادة من الطرق المسفلتة، لأن منسوب المياه في هذه الطرق لا يزيد على 10سم، ولا يوجد ضرر من عبور السيارات خلالها. ويؤكد أن البلدية قامت بقطع الأشجار التي تتجمع فيها الحشرات، ورش أماكن الطفح دورياً بالمبيدات الحشرية، وحفر آبار لتخفيض مستوى المياه في الوادي، واستخدام المياه في ري المزروعات. وأوضح أنه يجري إنشاء خط لضخ المياه خارج النطاق العمراني، على أن تقوم البلدية عند تشغيل محطة معالجة مياه الصرف الصحي بتوصيل تلك المياه إليها.