تقدمت خمس منظمات حقوقية مصرية ببلاغ إلى النائب العام يطلب التحقيق في بث تسجيلات لمحادثات هاتفية أجراها نشطاء في الفترة التي تلت انتفاضة 2011 التي انتهت بتنحي الرئيس حسني مبارك. وفي تفاصيل هذه القضية أن فضائية خاصة يملكها أحد المسيطرين على صناعة الدعاية والإعلام، بثت أخيراً محادثات هاتفية لنشطاء عن اقتحام مقر جهاز أمن الدولة، إضافة إلى بثها تعليقات هؤلاء النشطاء على فحوى تسجيلات ومعلومات جمعها هذا الجهاز عن نشطاء سياسيين، وتسجيلات مع مسؤولة أجنبية تتناول دفع أموال مُقابِل حصول هذه المسؤولة على مقاطع مصورة عن اقتحام متظاهرين مقر الجهاز نفسه في شباط فبراير 2011. ووقع البلاغ المُشار إليه آنفاً"الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"و"المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"و"المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"و"مركز هشام مبارك للقانون"، و"مركز الحقانية للمحاماة والقانون". بالقانون أولاً أعرب محمد عبدالعزيز، وهو رئيس مركز"الحقانية"، أن هذه المؤسسات اختصمت لدى القضاء مع مُقدم البرنامج، لأنه أذاع أيضاً مراسلات للآخرين واخترق خصوصية مواطنين. وبيّن عبدالعزيز أنهم طالبوا بمعرفة الجهة التي سربت التسجيلات، مُشيراً إلى أنهم اعتمدوا على توكيل قانوني لإثنين ممن سُربَت محادثاتهم. ولم تتمكن"الحياة"من الاتصال بهذين الشخصين لوجودهما في السجن بعد ادانتهما بالتظاهر من دون إذن والاعتداء على قوات الأمن! وجاء في البلاغ:"ما حدث يمثل انتهاكاً لحرمة الحياة الخاصة وتنصتاً غير قانوني، ويعيد إلى الأذهان ممارسات نِظام مبارك البغيضة وجهاز البوليس السياسي المعروف باسم"جهاز أمن الدولة". وتشكل هذه الأمور جريمة مكتملة الأركان طبقاً لقانون العقوبات". في سياق متصِل، ارتفعت أصوات عبر"فايسبوك"و"تويتر"تطلب من المواطنين الاتصال بخدمة العملاء في الشركات التي تزودهم خدمات الخليوي، للإعراب عن احتجاجهم على إفشاء بياناتهم. وفي تصريحات بُثت عبر وسائل الإعلام، أوضح مسؤول في إحدى هذه الشركات أن الأخيرة"لا تملك الوسائل التقنية ولا الأدوات التي تمكنها من تسجيل مكالمات لأفراد". وأشار إلى أن الأمر يتعلق بالجهات الأمنية التي تملك أدوات تمكنها من التنصت بموجب حكم قضائي. وأضاف أن دور شركات الهاتف المحمول يقتصر على تقديم خدمة الاتصالات، من دون فك شيفرة هذه المكالمات. وأفاد بأن تفكيك الشيفرة"يحدث بآليات معينة لا تملكها شركات المحمول في مصر، وكذلك توجد تقنيات متقدمة تسمح بتسجيل المكالمات عبر أجهزة الخليوي نفسها". وفي عهد مبارك دشنت حملات لمقاطعة شركات الهاتف المحمول وتكبيدها خسارة مالية، رداً على التنصت أيضاً على ناشطين بارزين. عودة إلى"جمعة الغضب" في هذا الصدد، دخل المستخدم"أسد"في حوار مُطول مع شركات الاتصالات الثلاث التي تعمل في مصر، عبر حسابها على"تويتر"، مُطالِباً إياها بتفسير اختراق خصوصية المشتركين. ورد ممثل إحدى تلك الشركات بأنه في وسع العميل مراجعة سرية بيانات العملاء عبر رابط على موقعها الرسمي. وكانت منظمات عدة أقامت دعاوى على شركات الاتصالات وطالبت بتعويضات بسبب قرارها قطع الاتصالات في مصر يوم 28 كانون الثاني يناير 2011 الذي سمي"جمعة الغضب". وحينها، تسبب قطع الاتصال بوفاة كثيرين لعدم التمكن من الاتصال بالمستشفيات لاسعافهم. في هذا الصدد، بيّن الحقوقي عمرو غربية أن سياسة هذه الشركات"لا توضح البيانات التي تحتفظ بها الشركة، ولا مدة الاحتفاظ بها، ولا إجراءات تأمينها وإطلاع أطراف ثالثة عليها". في السياق عينه، أصدرت"حركة 6 أبريل"، وهي حركة شبابية نظمت تظاهرات منذ العام 2008 ضد مبارك، بياناً تطالب فيه المواطنين بالمشاركة في تظاهرة الكترونية على صفحات شركات الاتصالات على"فايسبوك"و"تويتر"تحت عنوان"متآمرون على الثورة"، متهمة شركات الاتصالات بالتنصت على المكالمات وتسجيلها وتقديمها إلى الجهات الأمنية. وعرف المستخدمون في مصر التظاهرات الإلكترونية في عهد مبارك، كما استخدموها ضد صفحات البيت الأبيض وبعض الشخصيات العامة، خصوصاً في الأعوام الثلاثة الأخيرة. واستهدف هؤلاء أيضاً موالين ومعارضين لوزير الدفاع الحالي اللواء عبدالفتاح السيسي. وعلى رغم ان بعض الحركات المحسوبة على النظام الجديد اعتبر هذه التسجيلات دليلاً على خيانة وتآمر هؤلاء النشطاء، مع المطالبة بمحاكمتهم أيضاً، اتهَمَ آخرون أجهزة أمنية بتعمد تشويه نشطاء"ثورة 25 يناير". وكذلك دعا هؤلاء الجهات الرسمية إلى التحقيق مع النشطاء الذين أذيعت تسجيلات لهم، مطالبين بتقديمهم للمحاكمة بدلاً من بثها عبر القنوات الفضائية.