?ما إن بدأ الحديث عن الضربة الأميركية، وفيما بعد الحديث عن تنازل النظام السوري عن ترسانته الكيماوية ووضعها تحت تصرف الأممالمتحدة وظهر السجال الديبلوماسي والسياسي الداخلي الإقليمي والدولي حتى التزمت غالبية القوى الكُردية، ومعها القوى المعارضة المنتمية إلى مجتمع الأقليات الصمت كما لو أن الأمر لا يعنيها بحجة أنها جزء من"الثورة السلمية"، اذ تعتقد الأقليات أن سبب الضربة يعود إلى تداعيات الصراع المسلح، وتسرب الكيماوي جزء من هذا الصراع الذي لا يظن أحد بأن له علاقة بالثورة. ويرى أحد قياديي الكُرد لا يريد ذكر اسمه لأن حزبه لم يصدر أي موقف بعد أن هم الأميركيين الآن هو في كيفية ضمان الكيماوي، وكيفية حماية اسرائيل من تداعيات الحرب بين المعارضة وقوى النظام ومنها تداعيات"الكيماوي"وليس همهم الحد من الوضع السيئ للإنسان السوري. وتابع:"لو أن أميركا أرادت التدخل وضرب النظام لفعلت ذلك منذ الأسبوع الأول من استخدام النظام لسلاح الجو ضد السوريين". إنقاذ"الكيماوي"أهم من إنقاذ الإنسان واذا كان السوريون ينتظرون الضربة بفارغ الصبر فهي برأيهم الوحيدة القادرة على خلق معطيات جديدة في مسار الثورة وتحطيم معنويات جمهور النظام إلا أنهم يبدون أيضاً خوفاً من تلاعب النظام بالوقت وربما القيام بعمليات أكثر شراسة من ذي قبل. وثمة من يرى أن سجال الكيماوي وسجال الضربة سيؤثران في روح الثورة أكثر من إضعاف النظام، لذلك"نريد قراراً سريعاً من الأميركيين أو الأممالمتحدة لإيجاد حد لهذا التدهور في المجال الإنساني والوطني"كما يقول احد المدرسين. ولا نستغرب أنه منذ اليوم الأول من إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما عن قراره معاقبة النظام لتجاوزه الخط الأحمر باستخدامه الكيماوي في الغوطتين، وفي أكثر من"20 موقعاً"وفق التقارير الإعلامية، أحس السوريون بأن الضربة الأميركية تستهدف الأماكن الحساسة التي يعتمد عليها النظام عبر أهداف نوعية ومدروسة وذلك لإضعاف النظام كقوة عسكرية وأيضاً لكسر معنويات النظام وحلفائه وليس لإسقاطه، وهذا ما كان جلياً حيث أن هذه الضربة لها هدفان: الأول هو إضعاف النظام، والثاني وقف تسرب الكيماوي خوفاً من وقوعه في يد المتطرفين ما قد يؤثر في المحيط الإقليمي لسورية أي اسرائيل وكل ذلك للحفاظ على الاستقرار الإقليمي الأمر الذي يُسهل على أميركا وروسيا جر النظام ل"جنيف- 2"من دون شروط وفرض التزامات عليه وتنفيذ مقرراته جنيف-2. تردد الكُرد ومخاوفهم ولعل هذه البيئة السياسية والديبلوماسية أثرت في حماسة الكُرد، في حين قالت بعض الصحف الغربية أن الرابح الوحيد من حدوث الضربة العسكرية من قبل الغرب لسورية هم"الكُرد"مثلما استفاد أخوتهم كُرد العراق من الحرب الأميركية في 2003 والتي قادتهم الى اقليم فيديرالي بامتيازات الدولة الخاصة. كُرد سورية الذين يبلغ عددهم مليونين ونصف وفق تقديرات أحزابهم، ويعيشون على الخط الحدودي شمال شرقي البلاد سيكونون المكون الأقوى بعد سقوط النظام. وما أن أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما عن الضربة حتى انقسم الشارع الكردي السوري على نفسه. جزء، يريد أن تحدث الضربة، ومنهم من أثار المخاوف من المستقبل، ولعل سبب تردد الكُرد الذين يحركهم حزب الاتحاد الديموقراطي ب ي د القريب من أيديولوجية حزب العمال الكُردستاني التركي في الحماسة للضربة يعود إلى أمرين: الأول، خوفهم من تكرار التجربة الكُردية في العراق، أي ان الشارع العربي سيتهمهم ب"العمالة"للغرب، والثاني، هو عدم معرفة أهمية الضربة أو أماكن استهدافها، ومَن المستهدف، لأن شريحة كبيرة من الكرد ترى أن النظام ليس وحده من يستحق الضربة فهناك كذلك الكتائب المتطرفة وهي معيقة لتطور المشهد الثوري وأصبحت خطراً على مستقبل سورية ولا تقل خطورتها على خطورة النظام. والحق أن وضع المعارضة، ووجود الكتائب الإسلامية السلبي والمؤثر في الوضع السوري يزيد التخوف ليس من الضربة فحسب، وإنما من حدوث صفقات. ولا تقف حدود المخاوف عند الكُرد فحسب، إنما تمتد الى بقية مكونات الشعب السوري أيضاً وهنا يقول سليمان يوسف سليمان، وهو ناشط مسيحي من الجزيرة:"شخصياً أرفض وأعارض أي تدخل عسكري خارجي في الأزمة السورية تحت أي عنوان أو شعار لأنني أرى في هذا التدخل تدميراً لما تبقى من سورية ولا أجد فيه نهاية للأزمة السورية حتى لو أسقطت الضربات الأميركية حكم بشار الأسد"، ويعلل يوسف سليمان ذلك بأن الخشية من أن يترك سقوط بشار بفعل الضربات فراغاً أمنياً وسياسياً في البلاد فتنزلق سورية الى حرب أهلية مفتوحة وصراع مسلح على خلفيات طائفية ومذهبية وعرقية قد لا ينتهي إلا بتقسيم البلاد، بخاصة في ظل تشرذم وانقسام المعارضات السورية بجناحيها المسلح والسياسي وفي ظل تنامي دور المجموعات المسلحة الإسلامية المتشددة والسلفية الجهادية المتطرفة، المحلية والمستوردة والعابرة للحدود، في الأزمة السورية.