تحدثت مصادر رسمية عراقية وكويتية في الأشهر الأولى لهذا العام عن قرب خروج العراق من البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة نتيجة لتواصل المحادثات الرسمية بين الطرفين حول الموضوع. وتوقع الجانب الكويتي أن يتحقق ذلك بحلول عام 2014، بينما توقعه الجانب العراقي في 2015 بعد تسديد كل التعويضات التي فرضتها عليه الأممالمتحدة بعد غزو الكويت في 1990. وتبلغ قيمة هذه التعويضات 52 بليون دولار دفع العراق منها لحد الآن 41 بليوناً وبقي 11 بليوناً ستُدفَع بالكامل بحلول 2015. لكن بعد زيارة رئيس الوزراء الكويتي الشيخ جابر مبارك الصباح إلى العراق في حزيران يونيو 2013، وتوقيعه مع الجانب العراقي مجموعة من الاتفاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية التي اعتبرت طوياً لصفحة الماضي في شكل تام، أبلغت الكويت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بما تحقق من تقدم لنقل العراق من البند السابع إلى البند السادس. وفي 27 حزيران 2013 استلم مجلس الأمن تقريراً بهذا الشأن قرر في ضوئه إخراج العراق من البند السابع، وينص الأخير على السماح للأمم المتحدة باستخدام القوة العسكرية ضد الدولة التي ترى أنها تتصرف بطريقة تسيء إلى الأمن والسلم الدوليين، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية وتجميد الأموال ومنع التجارة إلا بالحدود الدنيا وقطع العلاقات الديبلوماسية. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: بعدما قضى العراق 23 سنة تحت البند السابع للأمم المتحدة ما هي النتائج التي ستترتب على هذا الخروج؟ تغير وضع تجارة العراق مع الدول الأخرى، خصوصاً صادرات النفط، في شكل كبير، إذا لم نقل كلياً، بعد احتلال العراق في 2003. وخُفِّفت القيود على الأموال العراقية المجمدة في الخارج، لذلك لا يُتوقع أن يترتب على خروج العراق من البند السابع تغيرات جوهرية في هذين المجالين. فالعراق يصدّر حالياً أكثر من ثلاثة ملايين برميل يومياً ويتوقع أن يزداد الإنتاج بعد الانتهاء من بعض المشاريع قيد الإنشاء. لكن حجم الصادرات سيظل خاضعاً للحصص التي تقررها"أوبك". أما الانتهاء من تسديد تعويضات احتلال الكويت والتي تبلغ حالياً خمسة في المئة من عائدات العراق من النفط، فسيرفع القدرة الإنفاقية للحكومة العراقية وسيكون لذلك تأثير إيجابي في الاقتصاد وعلى مستوى المعيشة إذا استُخدِمت في شكل سليم، خصوصاً لأغراض تنموية. أما صادرات العراق غير النفطية فهي مقيدة حالياً بحجم الإنتاج المحلي الضيق. وعلى مستوى العلاقات الديبلوماسية بين العراق والدول الأخرى فهي محكومة بالوضع الأمني في بغداد. ويعتقد البعض أن خروج العراق من الفصل السابع سيكون أثره إيجابياً على سعر صرف الدينار العراقي تجاه العملات الأخرى. وقد يستعيد الدينار سعر صرفه السابق وهو 3.26 دولار. وهذا الاعتقاد يحتاج إلى وقفة ولفت انتباه للذين يعتقدون أنهم يستطيعون الاستفادة من خلال المضاربة على الدينار العراقي. تأثر سعر صرف الدينار العراقي منذ بداية ثمانينات القرن العشرين بمؤثرين أساسيين هما الحرب العراقية - الإيرانية، ثم الحصار الاقتصادي في بداية التسعينات، وكانت ضخامة حجم ضخ الدينار العراقي في مقابل إيرادات محدودة من العملات الأجنبية هو الذي دهور سعر صرف الدينار تجاه الدولار والعملات الأخرى. وبعد احتلال العراق والسماح له بزيادة صادراته من النفط ورفع الحظر عن أمواله المجمدة بدأ سعر صرف الدينار تجاه الدولار بالتحسن لكنه لا يزال متدنياً، فهو حالياً بحدود 1160 ديناراً للدولار. وتحدثت الجهات المعنية قبل أكثر من سنة عن نية الحكومة العراقية رفع ثلاثة أصفار من على يمين السعر الحالي للدينار العراقي بحيث يصبح الدولار مساوياً لدينار و160 فلساً بدلاً من 1160 ديناراً. وحتى لا يتضرر الأفراد الذين يتعاملون بيعاً وشراءً وعقوداً وديوناً بالدينار العراقي يجب أن يلازم إجراء من هذا النوع قانون يفرض تقسيم أسعار كل السلع والخدمات والقروض والودائع وعقود الإيجار المسعرة بالدينار العراقي على 1000 أيضاً حتى لا يلحق ضرر بالمواطن أو مؤسسات الدولة سواء أكانوا دائنين أو مدينين. أما العقود والالتزامات المبرمة بالدولار فتظل على قيمتها المبرمة بها. لذلك فإن تحسن سعر صرف الدينار العراقي لا بد أن يجري من خلال قرار سياسي تتخذه الدولة وتنفذه السلطة النقدية. ولا يمكن أن يحصل بمجرد خروج العراق من البند السابع. لذلك لا ينصح أي شخص بالمضاربة على الدينار حالياً على أمل الحصول على أرباح في المستقبل لأنه إذا جرت عملية الإصلاح بالطريقة المذكورة أعلاه فستنتهي بحالة لا غالب ولا مغلوب. وحتى يؤتي الإصلاح النقدي ثماره من الأفضل أن يرافقه اختيار سعر صرف جديد للدينار العراقي يثبت بموجبه تجاه عملة رئيسة كالدولار أو سلة من العملات. ولا ينصح هنا بالعودة إلى سعر الصرف السابق وهو 3.26 دولار للدينار لأنه سعر مبالغ فيه وليس من مصلحة الاقتصاد العراقي العودة إليه مجدداً، فهو يضر بالصادرات غير النفطية والتي توجد إمكانيات كامنة كبيرة لزيادتها ويشجع على زيادة الاستيراد بما قد يضر بالإنتاج المحلي. وقد يكون اختيار سعر صرف مساو لدينار واحد في مقابل الدولار مناسباً.