تتيح زيارة المحل الوحيد المسؤول عن تصميم ملابس الفنانين وتأجيرها خلال الفترة المزدهرة في حياة الفن المصري في خمسينات القرن العشرين، مشاهدة ملابس الفنان أحمد مظهر في فيلم"الناصر صلاح الدين"أو ملابس الفنانة فيروز والفنان أنور وجدي في فيلم"دهب"، أو ملابس"عنترة بن شداد"و"أمير الدهاء"وغيرها من الأعمال الفنية المهمة الخاصة بالفنانة أم كلثوم والفنان إسماعيل ياسين. كريم مرعي ورث المحل الكائن في وسط القاهرة عن والده، ويحتفظ في جعبته بالكثير من الذكريات مع فنانين معروفين وغيرها من التفاصيل المثيرة. يقول:"أنشأ والدي محمد مرعي المحل عام 1938، وفي تلك الفترة كان المسرح مزدهراً، بينما كانت السينما لا تزال صامتة وأفلامها في الغالب تاريخية. استمر والدي في عمله كمسؤول عن تصميم وتأجير الملابس للفنانين إلى أن توفي في 1958. وبعدها توليت المسؤولية ليصبح هذا المحل هو الوحيد في مصر لتأجير الملابس سواء للفنانين أو الحفلات المدرسية المختلفة إضافة إلى الحفلات التنكرية، فالمحل يحتوي على كل الملابس التي يمكن الاستعانة بها عند تقديم الأعمال التمثيلية المختلفة. أذكر أن الفنان شكري سرحان كان يصر على استئجار ملابس النوم من محلاتنا، وكان ذلك يروج لملابسنا التي لم نبخل عليها بشيء لتكون في المستوى المطلوب. ومع بداية عمل التلفزيون بدأ القائمون على إنتاج أعماله يستأجرون ملابس من محلاتنا، خصوصاً أنه لم يكن في التلفزيون آنذاك مصممو أزياء". من شاهد فيلم"الناصر صلاح الدين"تلفت انتباهه كمية الملابس التي استخدمت فيه،"وأتذكر أن المنتجة آسيا داغر استأجرت لمشهد من مشاهد الفيلم أكثر من 2000 طقم ملابس. وأيضاً فوازير الفنانة نيللي استُخدم خلالها عدد كبير من الأطقم التي لا يزال بعضها في مخازننا حتى الآن". يضيف مرعي:"هناك الكثير من القطع في مخازننا غير معروضة للتأجير نظراً إلى قيمتها التاريخية، ومنها البدلة التي مثلت بها الطفلة فيروز بعض أفلامها مع الفنان أنور وجدي، كذلك ملابس الفنان أحمد مظهر في فيلم"الناصر صلاح الدين"، وملابس الفنان حسين صدقي في فيلم"خالد بن الوليد"، ومجموعة ملابس الفنان رشدي أباظة في فيلم"يا رب توبة"، وفستان الفنانة زينات صدقي في فيلم"بنات بحري"، هذه الملابس تم تدوينها في سجلات تاريخية محفوظة لديّ. أملك ميراثاً فنياً وتاريخياً نادراً عليّ صونه. أما الآن فلم يعد العمل كما كان في السابق، فالمسرحيات باتت نادرة، والأعمال السينمائية يغلب عليها طابع الواقعية التي لا تحتاج إلى ملابس خاصة، بل يستخدم الممثل ملابسه الشخصية". ويتذكر مرعي أنه في أحد الأيام باع الراحل إسماعيل يس سيارته للإنفاق على عرض مسرحي أعجبه وأصر على أن تقدمه فرقته. أما الفنانة زينات صدقي"عندما كانت تأتي لاختيار ملابس أفلامها، وفي الغالب كانت ملابس خادمة، فكانت تصر على أن تكون جديدة لم يرتدها أحد قبلها".