أكد تحقيق صحافي نشرته صحيفة"هآرتس"الإسرائيلية أمس أن الحكومة الإسرائيلية الحالية والسابقة، وخلافاً للحكومات السابقة شقت خلال السنوات الأخيرة شبكة طرق في القدس بشطريها الغربي والشرقي المحتل تربط بين المستوطنات شمال القدسوجنوبها مع وسط القدس الغربية والطرق الرئيسة التي تؤدي إلى تل أبيب على نحو يحول في المستقبل، في حال التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، دون الانسحاب من القدسالشرقيةالمحتلة، أو بلغة الإسرائيليين يحول دون إعادة تقسيم المدينة ليكون غربها للدولة العبرية وشرقها لفلسطين. ونقلت الصحيفة عن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو قوله لدى الاحتفال قبل أيام بتدشين شارع جديد شارع 20 يحمل اسم والده ويربط بين مستوطنة"غفعات زئيف"بالشارع الرئيس غرب رام الله المحيط بالقدس من شمالها، إن حكومته"تعمل في شكل متواصل ومنهجي من أجل ربط القدس مع نفسها". ورأى معد التقرير أن شبكة الطرق الجاري إقامتها هي بمثابة"القشة التي تقصم ظهر حل الدولتين". وقال عضو"مجلس السلام والأمن"العميد في الاحتياط شاؤول أريئلي إن الشارع الذي تم تدشينه يكسر عملياً تقليداً غير معلن منذ سنوات كثيرة حافظت من خلاله الحكومات المتعاقبة والبلدية الإسرائيلية للقدس على احتمال"إعادة تقسيم المدينة"في إطار الحل السلمي في المستقبل، مضيفاً أن الاستيطان في القدسالشرقيةالمحتلة كان على مدار عقود من الزمن مبنياً على أساس الحفاظ على الفصل بين الأحياء الاستيطانية والأحياء الفلسطينية. وتابع أن الحكومات تعاطت مع القدس كمدينتين منفصلتين لكل منهما خصوصياته، وعلى رغم أن أحياءها متلاصقة لكنها ليست متداخلة، إذ حافظت على التواصل الجغرافي المنفصل لكل منها. ورأى أن هذا المبدأ كُسر عملياً من طريق منظومة المواصلات الإسرائيلية"التي ستراكم صعوبات كثيرة على الفصل في المستقبل". وقدم التحقيق الصحافي أمثلة على هذا التداخل، منها"شارع 20"الذي تم شقه وسط بلدة بيت حنينا الفلسطينية ليوصل مستوطنتي"غفعات زئيف"و"النبي يعقوب"ب"شارع 443"غرب رام الله. وستتيح الطريق الجديدة لمستوطنات"شومرون"الوصول إلى وسط القدس الغربية بالسرعة القصوى. كما تم شق طريق من وسط بلدة بيت صفافا للتسهيل على مستوطني"غيلو"و"غوش عتسيون"جنوبالقدس الوصول إلى القدس. وأشار التقرير إلى أن الحكومة وبلدية القدس بصدد شق طرق جديدة في المستقبل القريب في خدمة المستوطنين تمر هي الأخرى في قلب الأحياء الفلسطينية. وأضاف أن شق الطرق مثله مثل تشغيل القطار الخفيف الذي يمر وسط أحياء فلسطينية، ومثل المستوطنات الصغيرة التي أقيمت في قلب أحياء سلوان وراس العمود وجبل المكبر،"تساهم في تآكل مبدأ الفصل بين الأحياء الفلسطينية والأحياء اليهودية". وبرأي العقيد شموئيلي، أن هذه المشاريع تجهض عملياً خطط السلام التي وضعت في العقود الأخيرة والقائمة على افتراض نقل الأحياء الفلسطينية في القدس ومحيطها إلى سيطرة الدولة الفلسطينية. وأردف أن هذا التقسيم بين الأحياء الفلسطينية وتلك الاستيطانية استند إلى المبدأ الذي وضعه الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون بأن"كل ما هو يهودي يكون لإسرائيل، وكل ما هو عربي يكون لفلسطين... لكن الزخم في بناء الطرق وشق الشوارع يجعل هذا المبدأ غير قابل للتطبيق". ويتفق الخبير الإسرائيلي في شؤون القدس المحامي داني زايدمان مع العقيد شموئيلي، إذ يرى أن الهدف من شبكة الشوارع هو دمج الكتل الاستيطانية في شكل واضح في شبكة الشوارع القطرية الإسرائيلية"وبذلك يتم إدخال القدسالشرقية والكتل الاستيطانية ضمن حدود إسرائيل في شكل فعلي". إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن السياسة الإسرائيلية هذه تتعارض تماماً والسياسة الإسرائيلية المتبعة في الضفة الغربية حيث استثمرت إسرائيل مبالغ كبيرة لشق شوارع من أجل خلق فصل تام بين الفلسطينيين والمستوطنين. ويرى زايدمان أن إسرائيل"تبذل جهداً استراتيجياً يشمل بناء الجدار العازل وشق بنى تحتية وتكثيف الاستيطان بهدف رسم حدود من جانب واحد بينها وبين فلسطين".