على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، تقع مدينة الجديدة 90 كيلومتراً جنوب الدار البيضاء، المعروفة تاريخياً باسم مزاكان، بأسوارها العتيقة وتاريخها العريق. المدينة التي بناها البرتغاليون في بداية القرن السادس عشر، وتختلط بين أزقّتها الألوان المُبهجة، وتحتل أسوارها مدافع ضخمة، كانت تحمي ترابها في ما مضى، فغدت بعد مرور الزمن مدافع للزينة، يلتقط السواح بجانبها الصور، ويخيط بقربها الصيادون شباكهم ويتنزّه على أطرافها العشّاق. وهي المدينة نفسها التي أنجبت الفيلسوف الكبير عبدالكبير الخطيبي، والروائي إدريس الشرايبي، واحتضنت عديد المؤرخين والباحثين من مختلف مدن العالم. هذه المدينة، التي تربطها علاقة توأمة مع مدينة سيت الفرنسية، ستستضيف خلال شهر أيار مايو الدورة الجديدة لمهرجان سيت المتوسطي للشعر، لتكون لفتة شعرية لبلد شارك كثيرون من شعرائه في الدورات السابقة للمهرجان. تنطلق هذه التظاهرة الشعرية في مدينة الجديدة المغربية، في السابع عشر من أيار وعلى مدار ثلاثة أيام، لتشهد حضوراً للشعر والموسيقى وأشكال تعبيرية أخرى، في مدينة تحتفي بالنحت والتشكيل. ففي الجديدة يتواجد فنانون معروفون بتجاربهم العميقة من أمثال التشكيلي عبدالكريم الأزهر والنحات بوشعيب الهبولي، وسيكون جمهور الشعر على موعد مع برنامج مكثف اختار له المنظمون عناوين كبرى، وسيقرأ الشعراء نصوصهم في أماكن عدة، قرب البحر، في الساحات، وعلى القوارب، وفي حديقة محمد الخامس والمسرح البلدي، والقلعة البرتغالية المعروفة بمسقاتها التاريخية، وفي ساحات مدينة أزمور العتيقة. واستدعت اللجنة المنظمة لهذه التظاهرة شعراء من مختلف دول العالم، من بينهم المغاربة: مبارك وساط، سهام بوهلال، محمد حمودان، عبدالرحيم الخصار، أبو بكر متاقي، حميد زيد، عبداللطيف الوراري، رشيدة مدني، حسنة عدي، عبدالمجيد بنجلون. ويشارك من خارج المغرب الشعراء: أمير نايكا من ألبانيا، بوبكر زمال من الجزائر، فوزية أبو خالد من السعودية، زيلشكو إيفانكوفيتش من البوسنة، بريدكال لوسيش من كرواتيا، علاء خالد من مصر، بيلار كونزاليس من اسبانيا، إيوسف فونتيرا من اليونان، عبد الزهرة زكي من العراق، كلوديو بوزاني من إيطاليا، طاهر رياض من الأردن، فينوس خوري غاتا من لبنان، كازيميرو دوبرتو من البرتغال، عبدالله السالم من قطر، عبدالسلام حلوم من سورية، إيدي شوكريو من كوسوفو، غسان زقطان من فلسطين، آنا ريستوفيتش من صربيا، صلاح بن عياد من تونس، توغرول تانيول من تركيا. في حين يشارك من فرنسا، البلد المنظّم، شعراء هم: كارينا بنزيادة، ريزا أفشار نادري، آني سالاجيه، سافو، أنطوان سيمون، فيليب تانسيلين، ميشيل ثيون. وإلى بهجة الشعر، سيكون لجمهور الموسيقى نصيب، حيث سيغني الفنان المعروف عبدالرحيم الصويري موشحات من الطرب الأندلسي، وستغني المطربة سافو لأم كلثوم. وتُعتبر مدينة الجديدة إحدى المدن القليلة التي لا تزال تحتفظ بصورتها المغربية، حيث ما زال بعض المتاحف والمؤسسات الثقافية يشتغل ويمنح المدينة نكهته الأصيلة، ولم يطاولها بعد ما طاول مدناً اخرى، مثل كزابلانكا، من تشوّهات وتضخّم على مستوى بنائها، مما يجعل كلّ انتباه جمالي وشعري لهذه المدينة، دافعاً آخر للحفاظ عليها وتثمين مظهرها البهي، وهي التي تُعتبر في نظر اليونيسكو تراثاً عالمياً ينبغي الحفاظ عليه.