أعلن رئيس الوزراء التونسي السابق رئيس حركة"نداء تونس"الباجي قائد السبسي نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في البلاد، في خطوة فاجأت الرأي العام السياسي في تونس. وقال السبسي البالغ من العمر 86 عاماً في تصريح إلى إحدى القنوات التلفزيونية مساء الأحد:"رأيت أن الوضع في البلاد يقتضي ذلك، لذلك أعلن ترشحي للانتخابات الرئاسية المقبلة، لأن استمرارية الدولة قبل المصالح الشخصية". وأكد السبسي في الآن نفسه أن قراره هذا لم يتم بحثه إلى حد الآن داخل"الاتحاد من أجل تونس"، التحالف الذي يضم حزبه حركة"نداء تونس"إلى جانب الحزب"الجمهوري"وحزب"المسار الديموقراطي الاجتماعي"والحزب"الاشتراكي"وحزب"العمل الوطني الديموقراطي". ويعطي أغلب استطلاعات الرأي في تونس المرتبة الأولى لحركة"نداء تونس"التي تعتبر من"فلول"النظام السابق. ويعلّق عدد من التونسيين آمالاً كبيرة على هذه القوة السياسية في مواجهة الإسلاميين. لكن قرار السبسي فاجأ على ما يبدو قسماً الرأي العام في تونس بما في ذلك عدد من السياسيين. فقد أكدت الردود الأولية لحلفاء السبسي في"الاتحاد من أجل تونس"أن لا علم لهم بما أعلنه وأنه لم يتم التشاور معهم في هذه المسألة. لكن حلفاء الوزير الأول السابق، وبخاصة"الجمهوري"و"المسار الديموقراطي"، اختاروا أن يردوا الفعل بحذر، معتبرين أن من حق كل مواطن أن يترشح لأي منصب يريده، لكنهم يشددون على ضرورة التشاور مع مكونات التحالف المعارض قبل إعلان خطوات مماثلة. وقد طرحت هذه الخطوة تساؤلات حول علاقة حركة"نداء تونس"بحلفائها في المعارضة وحتى داخل الحزب نفسه، نظراً إلى التجاذبات الحاصلة بين التيارات والأحزاب، ذلك أن قوى المعارضة تضم عدداً من الشخصيات الطامحة لأن تكون مرشحة من المعارضة للرئاسة، ولعل أبرز هؤلاء المعارض أحمد نجيب الشابي زعيم الحزب"الجمهوري". وفي سياق متصل، طرحت مسألة ترشح المعارض الأبرز لحكم الإسلاميين في تونس عدة نقاط خلافية على الساحة السياسية التونسية، وعلى رأسها قانون"تحصين الثورة"الذي سيناقشه المجلس التأسيسي والذي يتضمن بنوداً تقصي رموز النظام السابق من الحياة السياسية وعلى رأسهم السبسي، بالإضافة إلى تحديد سن الترشح لرئاسة الجمهورية والذي حددته مسودة الدستور الجديد بخمسة وسبعين عاماً، وهو ما يقصي الباجي قايد السبسي عملياً من السباق نحو قصر قرطاج. ويبدو من خلال هذا الترشح أن السبسي يسعى إلى افتكاك زمام المبادرة السياسية من حركة"النهضة"صاحبة الغالبية، فمن جهة يعكس الهجوم على قانون"تحصين الثورة"الذي يستهدفه ويظهر إلى الرأي العام والوطني والدولي على أنه يتعرض لإقصاء"تشريعي"من قبل الغالبية الحاكمة، ومن جهة أخرى طرح بقوة مسألة تحديد سنة الترشح لرئاسة الجمهورية ويقود بذلك حملة التصدي لهذا المبدأ بدعم من حلفائه في"الاتحاد من أجل تونس". لكن بعض المراقبين يرى أن المبادرة التي طرحها الوزير الأول السابق ليست سوى مناورة سياسية من أجل حشد الدعم لقوى المعارضة وتوحيدها حول مبادرة واحدة لمواجهة الإسلاميين، بالإضافة إلى وجود وجهة نظر تقول إن السبسي لن يترشح للرئاسة، وهو فقط يقوم بحشد حول تحالف"الاتحاد من أجل تونس"حتى يضمن تماسكه ووحدته في أفق الانتخابات المقبلة. ولئن أثارت هذه الخطوة اختلافاً في الرأي العام السياسي، إلا أنها أعادت حزب"نداء تونس"إلى واجهة الأحداث في وقت تسعى فيه المعارضة إلى جمع شتاتها مقابل سعي"النهضة"إلى فرض نظام برلماني تنتزع فيه كل الصلاحيات من رئاسة الجمهورية لتضعها في يد رئيس الحكومة.