أكدت الحكومة العراقية أن زيارة رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي الليبي محمود جبريل إلى بغداد الخميس ركّزت على مناقشة التجربة العراقية في كتابة الدستور وإعادة بناء مؤسسات الدولة وهيكلتها بما يتناسب والمرحلة الجديدة، مشددة على انه لم يتطرق إلى قضية المعتقلين الليبيين في العراق وإمكان الإفراج عنهم. وقال جبريل في تصريحات أدلى بها إلى وكالة «رويترز» في بغداد إن العقيد معمر القذافي ما زال مختبئاً في جنوب ليبيا تحت حماية قبائل الطوارق وإنه يعبر الحدود من وقت إلى آخر إلى النيجر. ونقل بيان لرئاسة الحكومة العراقية عن رئيس الوزراء نوري المالكي قوله خلال لقائه محمود جبريل مساء الخميس إن «العراق على استعداد لدعم التجربة الليبية بكل ما يستطيع خصوصاً خلال الفترة الانتقالية». وأضاف أن «بغداد مستعدة لتقديم كل ما اكتسبته من خبرة في مجال إعادة بناء مؤسسات الدولة وإجراء الانتخابات وكتابة الدستور وبناء القوات المسلحة». وأوضح المالكي: «وجود أوجه للتشابه بين النظامين السابقين في العراق وليبيا، وخصوصاً في مجال هدر ثروات وحرمان الشعبين وانتشار مظاهر الفقر والعوز في البلدين». وشدد بحسب البيان «على ضرورة العمل لبناء دولة المواطنة التي تركز على الاهتمام بالمواطن وتنمية البلاد في شتى المجالات. وتجاوز تركة الأنظمة الاستبدادية التي سعت إلى تفتيت المجتمع وتفكيك مؤسسات الدولة». ونقل البيان عن جبريل تثمينه وتقديره لموقف الحكومة العراقية المساند للشعب الليبي وتطلعاته المشروعة. وأوضح المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء علي الموسوي في تصريح إلى «الحياة» أن «رئيس المكتب التنفيذي الليبي بحث مع رئيس الوزراء جملة من الملفات التي تتعلق بإعادة بناء الدولة الليبية وكيفية تجاوز المشاكل والمعوقات التي تعرقل عملية بناء مؤسسات الدولة». وأضاف: «العراق لديه خبرة واسعة باعتباره الأول في حركة التغيير التي تعم دول المنطقة وبذلك يكون مرجعاً مهماً لحكومات الدول التي تطاولها رياح الربيع العربي ومن هنا جاءت زيارة السيد محمود جبريل لبغداد». وأضاف أن المسؤول الليبي «قدّم دعوة رسمية الى رئيس الوزراء (المالكي) لزيارة ليبيا والاطلاع على نتائج الثورة التي أسقطت نظام القذافي الشبيه بالنظام السابق الذي كان يحكم العراق». وزاد: «من بين الملفات التي نوقشت خلال الزيارة إعادة فتح السفارات بين البلدين الى جانب تفعيل التبادل الاقتصادي والتجاري وفتح آفاق التعاون بين الجانبين في شتى المجالات التي تصب في مصلحة الشعبين». وكانت مصادر في وزارة العدل العراقية أشارت إلى أن جبريل أبدى رغبة بلاده بتسلم معتقلين ليبيين في السجون العراقية. وقال مصدر في وزارة العدل رفض كشف اسمه ل «الحياة»: «لدينا بعض المعتقلين العرب ممن يحملون الجنسية الليبية وغالبيتهم متورطون بقضايا إرهابية والتواطؤ مع جماعات إسلامية متشددة وهؤلاء لا يمكن إعفاءهم من الأحكام الصادرة بحقهم إلا في حال أكدت الحكومة الليبية أنها ستطبق الأحكام القضائية بحقهم في حال سلمتهم بغداد الى السلطات الليبية». واستدرك: «لا توجد إحصاءات دقيقة بأعداد المعتقلين العرب على اعتبار أن تلك الإحصاءات قابلة للتغيير بحسب محكومياتهم المتفاوتة». لكن الناطق باسم رئيس الحكومة العراقية نفى هذه المعلومات وأكد أن «رئيس المكتب التنفيذي الليبي لم يطرح قضية المعتقلين الليبيين في العراق وإطلاق سراحهم ولم يناقش الجانبان تلك القضية لا من قريب ولا من بعيد وما يتردد إزاء ذلك عار من الصحة». وأكد النائب عن «حزب الدعوة» الحاكم والمقرب من رئيس الوزراء عبدالهادي الحساني في تصريح إلى «الحياة» أن «تجربة ليبيا في إسقاط النظام تشبه إلى حد كبير أحداث عام 2003 في العراق وتبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين لا يعني بالضرورة القفز على حقوق ومصالح الشعبين. بمعنى آخر لا يمكن المجاملة على حساب أمن العراق ومصلحته».