بحماسة لافتة يتحدث الناقد التونسي خميس خياطي عن القناة الفضائية التونسية الوليدة، التي اتخذت لنفسها اسم"تلفزة تي في". ينبّهنا بدايةً إلى اسم القناة الذي يجمع ما بين اللفظين العربي تلفزة والأجنبي تي في، في تأكيد على عمق نيتها الانتساب إلى جوهر هذا النسق الإعلامي وعمقه، مدعومةً بإمكانات وخبرات تونسية محضة، وإن عقدت اتفاقات للتعاون والتدريب وتبادل الخبرات مع القناة العريقة"بي بي سي"، مع التأكيد على استقلاليتها. انطلق بثّ قناة"تلفزة تي في"في 17 كانون الأول ديسمبر، بالتوافق مع الذكرى الثالثة للثورة التونسية مفتتحة ما بات يُعرف بموسم"الربيع العربي". ويعترف خياطي أنه على رغم مرور ثلاث سنوات على ذلك المنعطف الكبير، إلا أن الرؤية ما زالت غير واضحة، وتعيش تونس حالة مخاض على العديد من المستويات، ومنها البثّ الفضائي الذي يعرف 18 قناة فضائية تونسية، تتنوّع باتجاهاتها وانتسابها ومستويات أدائها. نسأل خياطي: وهل يحتاج الفضاء التونسي لقناة جديدة؟ فيقودنا إلى أنه من المنتظر أن تكون قناة"تلفزة تي في"قناة فضائية جامعة، تقدّم النشرات الإخبارية، والأنواع البرامجية الراقية، إيماناً منها بأن المجتمع التونسي، والوضع التونسي الراهن يحتاج لمساهمات إعلامية جادة جديدة ورصينة، خصوصاً أن تونس مُقبلة على كثير من الاستحقاقات على المستوى السياسي، وما يستتبعه ويقتضيه من تأهيلات لازمة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية. ولعل في عودة الشاشة إلى اللون الأزرق، إشارة نبيهة إلى عناية هذه القناة الوليدة بالربط بين الأصالة والمعاصرة، الاعتناء بالتاريخ الثقافي العريق، والواقع الجغرافي، والتنضيد الاجتماعي التونسي الغنيّ والثريّ بتنوعاته، من جهة، والاهتمام بالشأن الإنساني الحياتي للمواطن التونسي، وإدراك أهمية دور الإعلام في هذا السياق، من جهة أخرى. لا يخفي خياطي سعادته بالانتساب إلى أسرة قناة"تلفزة تي في"، وهو العائد بعد ثلاثين سنة أمضاها في باريس، ما بين النقد السينمائي والكتابة والعمل في مؤسسات كبرى. عودته ستكون من خلال برنامج تلفزيوني يُعنى بالشأن السينمائي، في محاولة لتعميق العلاقة بين المشاهد والسينما، في برنامج يمتدّ على مدى ساعتين في كل حلقة، تبثّ كل أحد، تتناول فيلماً سينمائياً طويلاً روائياً أو وثائقياً بالعرض كاملاً، والتقديم والتعقيب من خلال شخصيات ليس بالضرورة أن تكون من أهل المهنة السينمائية، بل من مشارب مختلفة. كما يلفت انتباهنا إلى أنه سيُخصّص الحلقة التي تبثّ الأحد الأخير من كل شهر، لعروض الأفلام القصيرة. وبينما من الطبيعي أن تكون النسبة الكبرى من الأفلام التي سيتناولها البرنامج تونسية، فإن خياطي سيبدأ برنامجه اليوم مع حلقة، يُخصّصها للسينما الفلسطينية، من خلال فيلم"عيد ميلاد ليلى"للمخرج رشيد مشهراوي، وبمشاركته، في تأكيد على عزم القناة توسيع دائرة اهتمامها عربياً.