انتقدت دراسة سعودية واقع الدراما في المملكة، خصوصاً ما يتعلق بالنصوص التي وصفتها بأنها"مكررة"، وتنقل"صورة خاطئة عن المجتمع"، وكذلك انتقدت الدراسة"ضعف المستوى"لدى عدد كبير من الممثلين. وأوضحت الدراسة التي أجرتها الباحثة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إيمان عبدالله الحصيّن أن النصوص الدرامية المحلية"تعرض قضايا اجتماعية بغرض الإثارة ولا تصل إلى حلول"، مشيرةً إلى أن معظم الشخصيات التراجيدية في أدوار البطولة ظهرت"بصفتها الشخصية الجشعة الباحثة عن المال والملذات الرخيصة". وأضافت الحصيّن في دراستها، أن الشخصية الكوميدية تظهر"في شكل مثير للسخرية"، من خلال ربطها بأصحاب المهن الحرفية والطبقة الاجتماعية التي لم تنل حظها من التعليم ليكونوا فرصة سانحة للتندر، لافتة إلى أن العاملين في مجال الدراما"يفتقدون الأرضية الثقافية الصلبة"التي تدعمهم وتمكنهم من الإبداع، إضافة إلى"انخفاض مستوى أداء الممثلين"، على رغم ارتفاع أجور الفنانين. اغتراب وفي ما يتعلق بالإنتاج والإخراج قالت الباحثة:"عندما نتطرق إلى الحديث عن الإخراج فإنه يسبّب نوعاً من الاغتراب للدراما المحلية، فضلاً عن فقدان الحبكة الدرامية للنص وتجسيد الشخصيات لها، وهذا ما جعل عدداً من المهتمين في الشأن الدرامي المحلي يرون أن إخراج الأعمال المحلية لمخرجين غير سعوديين لم يساهم في الارتقاء بالدراما لدينا في الشكل المتوقع"، مؤكدة أن ضعف جودة المنتج المحلي أحد مشكلات الدراما السعودية. ورأت الدراسة أن الدراما المحلية لا تُظهر للرجل والمرأة أية مشاركة في العمل السياسي الرسمي،"هذا يضع علامة استفهام قد تعود بنا للحديث عن ضعف النصوص التي يقدمها الكتّاب بعدم طرحهم قضايا تهمّ المواطنين بالدرجة الأولى، فالمملكة تشهد حراكاً سياسياً متعدد الأطياف، وظهور عدد من الشخصيات السياسية في الدراما المحلية سيحاكي جزءاً كبيراً من الواقع". وأشارت الباحثة إلى أن ظهور المرأة في المسلسلات السعودية يقع بين نقيضين، فهي إما جبّارة قاسية لا تعرف الرحمة لقلبها طريق، أو مقهورة مغلوبة على أمرها تمارَس ضدها أنواع من العنف والاضطهاد، أو فتاة مُترفة سطحية الاهتمامات والتفكير، أو منحرفة تبحث عن العلاقات الغرامية في غرف الخدم وبائعي المحال، وربة منزل صبورة أو معلمة يستولي والدها وزوجها على راتبها ولا تملك الحرية والاستقلالية الشخصية والمالية. لافتة إلى أن الرجل في الأعمال يظهر"بصورة متسلطة، وحريته مطلقة تمكّنه من ممارسة المحظورات من دون رادع". وفي ما يتعلق بطبيعة مناطق المملكة والشخصيات التي تحاكيها فقد اتفق المتابعون وفق الدراسة على أن الدراما المحلية تصور كل منطقة سعودية في شكل خاص من خلال"ربط الشخصية بلهجتها في شكل سلبي"، وجنحت المسلسلات إلى تصوير كبار السن بأنهم شخصيات متطفلة ومملة، والطفل السعودي هو الآخر في الدراما المحلية لم يظهر بأدوار ذات قيمة كشخصية محورية يقوم عليها بناء الأحداث، على عكس ما نشاهده في المسلسلات الأجنبية التي يأخذ فيها الطفل دور البطولة المطلقة. صفات إيجابية وعموماً صوّرت الدراما المحلية، وفق الدراسة، نوعية التعاملات الإنسانية في ما بين أفراد المجتمع السعودي، فالوفاء والإخلاص والمحبة والتعاون صفات إيجابية ظهرت في علاقات الشخصيات في ما بينها، بينما ذكر متابعون أن السذاجة والسطحية هما السمتان البارزتان في الشخصيات الدرامية، وأعطتا صورة ذهنية سلبية عن المجتمع السعودي، فغالباً ما تدور جميع مشكلات وقضايا المجتمع حول الشذوذ الأخلاقي والانحرافات السلوكية، وتصوير المشاهد الخارجة عن المألوف في الدراما المحلية كمشاهد الرقص وشرب الخمور، فضلاً عن تأطيرها لبعض الشخصيات التي تحمل سمات التدين لتضعها في دائرة الإرهاب والتشدد. وأوصت الدراسة أخيراً بوضع استراتيجية فكرية إعلامية محددة المعالم من شأنها الارتقاء بنوعية القضايا المطروحة درامياً، وتشكيل فريق وطني لرسم خطة مهمتها الارتقاء بمستوى الدراما المحلية، وبالتالي"نقل صورة واقعية عن المجتمع السعودي"، وكذلك إنشاء معاهد أكاديمية مهمتها النهوض بمستوى المسلسلات المحلية، وتخريج جيل واعٍ قادر على استقراء الواقع، واضعاً يده على مكامن الخلل لعلاجها ومكامن الضياء للاسترشاد بها، إضافة إلى سَنّ القوانين للحد من ظاهرة قولبة الصورة الذهنية عن السعودية إنساناً ومجتمعاً بألا يتم تأطيرها في قالب جامد لا يمت للواقع بصلة، وعدم ظهور المرأة بين نقيضين لا يعكسان ما وصلت إليه المرأة السعودية من معرفة وعلم وما حققته من نجاحات. يذكر أن الباحثة إيمان الحصيّن اعدت الدراسة على مسلسلات"طاش"و"سكتم بكتم"و"أسوار"و"أيام السراب"، وشملت 88 شخصية كوميدية وتراجيدية، للتعرف إلى أبرز ملامحها من خلال مستوى التعليم والجانبين الأخلاقي والاقتصادي والسمات الشخصية ودرجة الالتزام الديني، إضافة إلى المظهر الخارجي للشخصية ومشاعرها وعلاقتها بالآخرين.