ينطلق اليوم في المدينة القديمة في العاصمة التونسية، نشاط فني ضخم بعنوان"المدينة - الحلم"dream city يستمر حتى 30 من الشهر الجاري، على ان ينتقل بعدها الى مدينة صفاقس ما بين 5 و7 من الشهر المقبل. 100 فنان يتوزعون على مجالات الرقص والمسرح والفوتوغرافيا والغرافيتي والموسيقى والفيديو سيتجولون في شوارع"المدينة"التي سيسيطرون عليها فنياً طيلة أيام التظاهرة، وسيتمكن رواد الطرق الضيقة الممتدة من ساحة الحكومة شمالاً الى باب بحر جنوباً، ومن باب سويقة شرقاً الى باب الجزيرة غرباً، من الاطلاع على عروض ثقافية معاصرة قلّما واكبوها سابقاً. المنطقة التي تعج بالأسواق الشعبية تُعتبر قلب الحياة التجارية في العاصمة تونس، حيث يؤمها الباحثون عن الألبسة العصرية، كما الثياب التقليدية، ويجد فيها باعة الحلي والمجوهرات والمنتجات القديمة ومختلف أنواع الحشائش الطبية وتزدحم مقاهيها الشعبية ونوادي الفكر فيها وما بقي من مكتبات شعبية بمتسوقين من كل الشرائح الاجتماعية. "المدينة العربي"التي تتوسط عاصمة فقدت هويتها الحضارية، وانتفت فيها معالم معمارية وثقافية تميزها عن بقية عواصم العالم، لا تزال تحافظ على خصوصيات يسعى أهلها للمحافظة على رمزيتها رغم ضغوط التغييرات الديموغرافية والتحولات المجتمعية التي تعرفها تونس. ف"البلدية"سكان المدينة العرب يتشبثون بعادات ظلت بارزة في سلوكهم اليومي وفي لكنة لهجتهم، وبلدية المدينة التي ما فتئت تولي اهتماماً لفضاء تاريخي مصنَّف منذ عام 1979 لدى منظمة يونسكو تراثاً ثقافياً للإنسانية، لا تقدر على العناية المتواصلة بذلك المكان في مواجهة المد العمراني. شعار التظاهرة"الفنان في مواجهة الحريات"وهو من بين الأنشطة القليلة التي تذكِّر بضرورة ايلاء اهتمام بما تبقى من رصيد أثري لمدينة عصفت بذاكرتها مظاهر حداثة فوضوية وغير منظمة. والدورة الثالثة ل"دريم سيتي"تواجه كبحاً متصاعداً من طرف المتشددين الدينيين لحريات الإبداع التي تكاثرت مؤشرات تراجعها منذ تولي"النهضة"الاسلامية الحكم. فعدا بعض المراكز الثقافية التي تنشط مناسباتياً، يحرم سكان المدينة العتيقة من حركية ثقافية تعطي قيمة بارزة لساحاتها وأسوارها، وتغلق أبوابها المتميزة بزخرفات قديمة أبوابها في ساعات مبكرة من الليل. وطيلة الايام القليلة من"حلم المدينة"، سيتابع المهتمون 20 عرضاً من تونس وخمسة عروض أجنبية. وسيعرض فيلم"فلاقة"للمخرج الشاب رفيق العمراني، الذي يغطي أخبار الاعتصامات التي خيضت بعد"ثورة 14 يناير"، وشريط"جهة"للمخرج رضا التليلي، وفيلم تجريبي لجيلاني السعدي بعنوان"نظرة لمدينة بنزرت". وسيقدم خلال التظاهرة عرض راقص للإسباني روجيه بيرنا، وعرض غنائي للبنى نعمان ومهدي شقرون وكوريغرافيا مالك السباعي، وعرض مسرحي لتوفيق الجبالي"وفجأة تُفتح ابواب المدينة-القرية". وتعرض في الدورة الجديدة ل"دريم سيتي"أعمال 4 مصورين فوتوغرافيّين من العالم، جابوا أرجاء البلاد ليقدّموا معرضاً للصور الفوتوغرافية في الفضاء المفتوح على لافتات الإعلانات التجارية، بعنوان"أجسام طليقة في الفضاء العام". اختارت الاحتفالية مدرستين للتعليم الابتدائي لتنظيم ورش عمل فنية فيها وتعريف تلامذتها على مختلف أنواع الفنون، بدعم من"حي المعمار"في باريس. ويعتبر المهرجان مغامرة فنيّة في قلب المدينة يشارك فيها عدد كبير من الفنّانين يلتحمون بالجمهور في حركة تواصل حميمة وهادفة.